أمارات الوضع، وهذا مما يدل عليه تعليق المتعصب نفسه هناك, فثبت بذلك خطؤه في قوله المتقدم أن قول أحد الحفاظ "لا أعرفه" أو نحوه كاف للحكم على الحديث بالوضع! ولو بالشرط الذي ذكره, وبالجملة فقولهم: لا أعرفه، أو لا أصل له، لا يساوي في اصطلاحهم قولهم: حديث موضوع. إلا إذا كان هناك قرينة في متنه تدل على وضعه، فيشيرون إلى ذلك بإضافة لفظة "باطل" كقول الحافظ العراقي في حديث الصلاة ليلة الجمعة بين المغرب والعشاء 12 ركعة، وحديث الصلاة ليلة الجمعة بعد العشاء وسنتها عشر ركعات "1/ 200 - "تخريج الإحياء" المطبعة التجارية" قال في كل منهما: "باطل لا أصل له" وقال مثله في حديث رواه الخضر عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! "1/ 352". وَكَذَلِكَ قَالَ في حديث رابع "1/ 353"، بينما لم يقل ذلك في عشرات الأحاديث الأخرى مما لا أصل له، فانظر الصفحات "92، 148، 150، 157، 159، 166، 170، 183، 187، 192، 299، 307 - ولفظه فيها: لم أجده" و"60، 156 بلفظ: لم أجده بهذا اللفظ" و"62، 76، 125، 237 بلفظ: لم أجده هكذا" و"72، 152، 169، 243، 260، 312، 320، 354 بلفظ: لم أقف له على أصل، ومرة: ليس له أصل، و"76، 81، 102، 135، 141، 177، 198، 200، 232، 240، 241، 296، 317، بلفظ، لم أجد له أصلا، ومرة: إسنادا".
وكذلك وجدت في "المصنوع" خمسة أمثلة في أحاديثها: "باطل لا أصل له" فانظر "75، 248، 261، 379، 383"، وسائر الأحاديث التي لا أصل لها مما جاء فيه لم يقل فيها: "باطل"، كل ذلك إشارة إلى ما ذكرنا، وهذا النوع "باطل لا أصل له" مما فات على المتعصب ذكره في تلك الأنواع مع استيفائه إياها، وذلك دليلا أيضا على بعده عن التحقيق العلمي.
المثال الآخر: جاء في "المصنوع" حديث رد الشمس على علي رضي الله عنه ليصلي العصر بعد أن غربت ولم يصل, فذكر المتعصب في التعليق عليه: جماعة من العلماء قالوا بأنه حديث موضوع، وآخرون ذهبوا إلى تصحيحه منهم شيخه الكوثري، فضل المتعصب بين هذين الحكمين المتناقضين، ولم يستطع -وهو الأمر الطبيعي الملازم له! أن يرجح أحدهما على الآخر، ولكنه حاول باديء الرأي أن