أَنْ يُسْتَشْهَدَ لِهَذَا النَّوْعِ بِحَدِيثِ عُكَاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ، حِينَ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ1، وَالْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
النَّوْعُ السَّادِسُ: الشَّفَاعَةُ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّهُ، كَشَفَاعَتِهِ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ عَذَابُهُ2, ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا النَّوْعِ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [الْمُدَّثِّرِ: 48]. قِيلَ لَهُ: لَا تَنْفَعُهُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ، كَمَا تَنْفَعُ عُصَاةَ الْمُوَحِّدِينَ، الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.
النَّوْعُ السَّابِعُ: شَفَاعَتُهُ أَنْ يُؤْذَنَ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الْجَنَّةِ"3.
النَّوْعُ الثَّامِنُ: شَفَاعَتُهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ، مِمَّنْ دَخَلَ النَّارَ، فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهَذَا النَّوْعِ الْأَحَادِيثُ, وَقَدْ خَفِيَ عِلْمُ ذَلِكَ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، فَخَالَفُوا فِي ذَلِكَ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ، وَعِنَادًا مِمَّنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى بِدْعَتِهِ, وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ تُشَارِكُهُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُؤْمِنُونَ أَيْضًا, وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ تَتَكَرَّرُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ, وَمِنْ أَحَادِيثِ هَذَا النَّوْعِ، حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي" 4. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وروى البخاري رحمه الله في كتاب