هذا التوجيه بين التعبرين؛ لأن الجمود على التقليد الذي ران على قلبه، لا يفسح له المجال أن يتفهم الحقائق الظاهرة لكل ذي لب وبصيرة، إلا أن يلقنها إياه شيخ مقلد مثله وهيهات! وظني به أنه يجهل أن قولي: "صحيح، رواه الشيخان" ونحو مما تقدم، قد سبقت إليه، وإلا لم يبادر إلى الإنكار وإلى هذا الافتراء الذي نسبه إليّ من أني إذا قلت: "رواه الشيخان" فأنا متوقف في صحته -زعم- ولما قال أيضًا ما سبق نقله عنه. "فجاء بشيء لم يسبقه إليه المتقدمون ولا المتأخرون"!

وقد سبقني إلى ما ذكرت إمام كبير من أئمة الحديث وحفاظه ألا وهو شيخ الإسلام محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي مؤلف الكتاب الجليل: "شرح السنة" الذي يقوم بطبعه المكتب الإسلامي لأول مرة1، فقد جرى فيه مؤلفه -رحمه الله تعالى- على مثل ما جريت أنا عليه في تخريج هذا الكتاب: "شرح الطحاوية"، فهو تارة يكتفي بعزو الحديث إلى الشيخين أو أحدهما، وتارة يضم إلى ذلك التصريح بالصحة، والاستعمال الأول، لا شبهة فيه عند صاحب التقرير الجائر، ولذلك فلا فائدة من تسويد الورقة بنقل الأمثلة عنه فيه, وإنما المستنكر عنده الاستعمال الآخر: الجمع بين التصريح بالصحة مع العزو إلى الشيخين أو أحدهما، فهذا الذي ينبغي ضرب الأمثلة له من الكتاب المذكور، لعل ذلك المتعصب يرتدع عن جهله وغيه.

لقد رأيت للحافظ البغوي في المجلد الأول من كتابه المذكور أنواعًا من التعابير، أنقلها مع الإشارة إلى أحاديث كل نوع منها برقمها.

الأول: "صحيح، متفق على صحته", يعني بين الشيخين.

انظر الأحاديث "6، 68، 132"، وقد يقول:

"صحيح، أخرجاه". رقم "154".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015