المسائل فأجبته يومًا في مسألة فقال لي: ما هذا قول أبي حنيفة فقلت له أيها القاضي: أوكل ما قاله أبو حنيفة أقول به؟ فقال: ما ظننتك إلا مقلدًا, فقلت له: وهل يقلد إلا عصبي, فقال لي: أو غبي. قال فطارت هذه بمصر حتى صارت مثلا وحفظها الناس1.
وقد تخرج على كثير من الشيوخ، وأخذ عنهم، وأفاد منهم، وقد أربى عددهم على ثلاثمائة شيخ، وكان شديد الملازمة لكل قادم إلى مصر من أهل العلم من شتى الأقطار، حتى جمع إلى علمه ما عندهم من العلوم، وهذا يدلك على مبلغ عنايته في الاستفادة، وحرصه الأكيد على العلم, وقد أثنى عليه غير واحد من أهل العلم، ووصفوه بأنه ثقة ثبت فقيه عاقل حافظ دين، له اليد الطولى في الفقه والحديث.
قال ابن يونس: كان الطحاوي ثقة ثبتًا فقيها عاقلًا لم يخلف مثله.
وقال الذهبي في "تاريخه" الكبير: الفقيه المحدث الحافظ أحد الأعلام وكان ثقة ثبتًا فقيهًا عاقلًا.
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية": هو أحد الثقات الأثبات والحفاظ الجهابذة.
وأما تصانيفه -رحمه الله- فهي غاية في التحقيق والجمع وكثرة الفوائد وحسن العرض.
فمن مصنفاته "العقيدة الطحاوية" وهي التي نقدمها مع شرحها في طبعتها الأنيقة للقراء وهي على صغر حجمها غزيرة النفع سلفية المنهج تجمع بين دفتيها كل ما يحتاج إليه المسلم في عقيدته, ومنها كتاب "معاني الآثار" وهو كتاب يعرض فيه الأبحاث الفقهية مقرونة بدليلها، ويذكر في غضون بحثه المسائل الخلافية، ويسرد أدلتها ويناقشها، ثم يرجح ما استبان له الصواب منها، وهذا الكتاب يدرب طالب العلم على التفقه، ويطلعه على وجوه الخلاف، ويربي فيه ملكة الاستنباط، ويكون له شخصية مستقلة.