الْمُغَيَّبَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاسْتِمْتَاعُ الْجِنِّ بِالْإِنْسِ: تَعْظِيمُهُ إِيَّاهُ، وَاسْتِعَانَتُهُ بِهِ، وَاسْتِغَاثَتُهُ وَخُضُوعُهُ لَهُ.
وَنَوْعٌ مِنْهُمْ [يَتَكَلَّمُ] (?) بِالْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، [وَالْكُشُوفِ وَمُخَاطَبَةِ] (?) رِجَالِ الْغَيْبِ، وَأَنَّ لَهُمْ خَوَارِقَ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ! وَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُعِينُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ! وَيَقُولُ: إِنَّ الرَّسُولَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، لِكَوْنِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ عَصَوْا!! وَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ.
وَالنَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْزَابٍ:
حِزْبٌ يُكَذِّبُونَ بِوُجُودِ رِجَالِ الْغَيْبِ، وَلَكِنْ قَدْ عَايَنَهُمُ النَّاسُ، وَثَبَتَ عَمَّنْ عَايَنَهُمْ أَوْ حَدَّثَهُ الثِّقَاتُ بِمَا رَأَوْهُ، وَهَؤُلَاءِ إِذَا رَأَوْهُمْ وَتَيَقَّنُوا وُجُودَهُمْ خَضَعُوا لَهُمْ.
وَحِزْبٌ عَرَفُوهُمْ، وَرَجَعُوا إِلَى الْقَدَرِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ثَمَّ فِي الْبَاطِنِ طَرِيقًا إِلَى اللَّهِ غَيْرَ طَرِيقَةِ الْأَنْبِيَاءِ!.
وَحِزْبٌ مَا أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا وَلِيًّا خَارِجًا عَنْ دَائِرَةِ الرَّسُولِ، فَقَالُوا: يَكُونُ الرَّسُولُ هُوَ مُمِدًّا لِلطَّائِفَتَيْنِ. فَهَؤُلَاءِ مُعَظِّمُونَ لِلرَّسُولِ جَاهِلُونَ بِدِينِهِ وَشَرْعِهِ.
وَالْحَقُّ: أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَتْبَاعِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنَّ رِجَالَ الْغَيْبِ هُمُ الْجِنُّ، وَيُسَمَّوْنَ رِجَالًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (?). وَإِلَّا فَالْإِنْسُ يُؤْنَسُونَ، أَيْ يظهرون (?) وَيُرَوْنَ، وَإِنَّمَا يَحْتَجِبُ الْإِنْسِيُّ أَحْيَانًا، لَا يَكُونُ دَائِمًا مُحْتَجِبًا عَنْ أَبْصَارِ الْإِنْسِ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُمْ مِنَ " الْإِنْسِ " فَمِنْ غَلَطِهِ وَجَهْلِهِ. وَسَبَبُ الضَّلَالِ فِيهِمْ، وَافْتِرَاقِ هَذِهِ الْأَحْزَابِ الثَّلَاثَةِ - عَدَمُ الْفُرْقَانِ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ وَأَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ.