اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الْمَنُوطُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ فَهُمْ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ».
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ كَأَنَّ دَلْوًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا، فَشَرِبَ شُرْبًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا، فَانْتُشِطَتْ مِنْهُ، فَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ».
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ (?)، عَنْ سَفِينَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ أَوِ الْمُلْكَ».
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ بِالْخَبَرِ الْمَأْثُورِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، وَإِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ، فَلَمْ يَسْتَخْلِفْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ [مِنِّي]، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [قال عبد الله: فعرفت أنه حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مستخلف] (?)
وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ بِعَهْدٍ مَكْتُوبٍ، وَلَوْ كَتَبَ عَهْدًا لَكَتَبَهُ لِأَبِي بَكْرٍ، بَلْ قَدْ أَرَادَ كِتَابَتَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ، وَقَالَ: يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُسْلِمُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ.
فَكَانَ هَذَا أَبْلَغَ مِنْ مُجَرَّدِ الْعَهْدِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِأُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْ أَقْوَالِهِ