وَعَدْلٌ، فَمَنْعُهُ لِلْأَسْبَابِ الَّتِي هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ مِنْ حِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ. وَأَمَّا الْمُسَبِّبَاتُ بَعْدَ وُجُودِ أَسْبَابِهَا، فَلَا يَمْنَعُهَا بِحَالٍ، إِذَا لَمْ تَكُنْ أَسْبَابًا غَيْرَ صَالِحَةٍ، إِمَّا لِفَسَادٍ فِي الْعَمَلِ، وَإِمَّا لِسَبَبٍ يُعَارِضُ مُوجِبَهُ وَمُقْتَضَاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي، أَوْ لِوُجُودِ الْمَانِعِ. وَإِذَا كَانَ مَنْعُهُ وَعُقُوبَتُهُ مِنْ عَدَمِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وهو لم يعط ذلك ابتلاء وابتداء إلا حِكْمَةً مِنْهُ وَعَدْلًا. فَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْحَالَيْنِ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كُلُّ عَطَاءٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ عُقُوبَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكِيمٌ يَضَعُ الْأَشْيَاءَ فِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي تَصْلُحُ لَهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (?). وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (?). ونحو ذلك. وسيأتي لهذا زيادة، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قوله: (والاستطاعة التي يجب بها الفعل، من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به - تكون مع الفعل. وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع، والتمكين وسلامة الآلات - فهي قبل الفعل، وبها يتعلق الخطاب، وهو كما قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إل

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِطَاعَةُ الَّتِي يَجِبُ بِهَا الْفِعْلُ، مِنْ نَحْوِ التَّوْفِيقِ الَّذِي لا يجوز أن يُوصَفُ الْمَخْلُوقُ بِهِ - تَكُونُ مَعَ الْفِعْلِ. وَأَمَّا الِاسْتِطَاعَةُ مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْوُسْعِ، وَالتَّمْكِينِ وَسَلَامَةِ الْآلَاتِ - فَهِيَ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَبِهَا يَتَعَلَّقُ الْخِطَابُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (?)

ش: الِاسْتِطَاعَةُ وَالطَّاقَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْوُسْعُ، أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَتَنْقَسِمُ الِاسْتِطَاعَةُ إِلَى قِسْمَيْنِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَهُوَ الْوَسَطُ. وَقَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ: لَا تَكُونُ الْقُدْرَةُ إِلَّا قَبْلَ الْفِعْلِ. وَقَابَلَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَقَالُوا: لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْفِعْلِ.

وَالَّذِي قَالَهُ عَامَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ لِلْعَبْدِ قُدْرَةً هِيَ مَنَاطُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَهَذِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015