وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَي الْفَجْرِ تَارَة بِسُورَتَي الْإِخْلَاصِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. وَتَارَة بِآيَتَي الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ: الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (?)، الآية، وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (?)، الآية. [وَ] فَسَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِيمَانَ فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِه، حَيْثُ قَالَ لَهُمْ: «آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَه، أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَه؟ شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاة، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ مَا غَنِمْتُمْ».
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَكُونُ إِيمَانًا بِاللَّهِ بِدُونِ إِيمَانِ الْقَلْبِ، لِمَا قَدْ أَخْبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِيمَانِ الْقَلْبِ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ مَعَ إِيمَانِ الْقَلْبِ هُوَ الْإِيمَانُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا.
وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوءَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْإِيمَانِ إِلَّا بِالْعَمَلِ مَعَ التَّصْدِيقِ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ مَعْنَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاة، فَإِنَّ تِلْكَ إِنَّمَا فَسَّرَتْهَا السُّنَّةُ، وَالْإِيمَانُ بَيَّنَ مَعْنَاهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. فَمِنَ الْكِتَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (?)، الآية. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} (?)، الآية. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (?)، فنَفْي الْإِيمَانِ حَتَّى تُوجَدَ هَذِهِ الْغَايَة - دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْغَايَة فَرْضٌ عَلَى النَّاسِ، فَمَنْ تَرَكَهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ [و] لَمْ يَكُنْ قَدْ أَتَى بِالْإِيمَانِ الْوَاجِبِ، الَّذِي وُعِدَ أَهْلُه