وَتجْتَمِعُ فِي الْمُؤْمِنِ وِلَايَة مِنْ وَجْه، وَعَدَاوَة مِنْ وَجْه، كَمَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ كُفْرٌ وَإِيمَانٌ، وَشِرْكٌ وَتَوْحِيدٌ، وَتَقْوَى وَفُجُورٌ، وَنِفَاقٌ وَإِيمَانٌ. وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا الْأَصْلِ نِزَاعٌ لَفْظِي بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَنِزَاعٌ مَعْنَوِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْبِدَعِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِيمَانِ. وَلَكِنَّ مُوَافَقَة الشَّارِعِ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى - أَوْلَى مِنْ مُوَافَقَتِه فِي الْمَعْنَى وَحْدَه، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (?). وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (?)، الْآيَةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُنَافِقِينَ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصلة مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصلة مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، [وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ] (?)، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»، وَفِي رِوَايَة: «وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ»، بَدَلَ: «وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ». أَخْرَجَاه فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَحَدِيثُ"شُعَبِ الْإِيمَانِ"تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِه مِثْقَالُ ذَرَّة مِنْ إِيمَانٍ».

فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْإِيمَانِ أَقَلُّ الْقَلِيلِ لَمْ يُخَلَّدْ فِي النَّارِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ النِّفَاقِ، فَهُوَ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ عَلَى قَدْرِ مَا مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ.

فَالطَّاعَاتُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَالْمَعَاصِي مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ شُعَبِ الْكُفْرِ الْجحودَ، وَرَأْسُ شُعَبِ الْإِيمَانِ التَّصْدِيقَ.

وَأَمَّا مَا يُرْوَى مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ جَمَاعَة اجْتَمَعَتْ إِلَّا وَفِيهِمْ وَلِي لِلَّهِ، لَا هُمْ يَدْرُونَ بِهِ، وَلَا هُوَ يَدْرِي بِنَفْسِه» -: فَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015