وأَمَّا إِذَا عُطِفَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، فَاعْلَمْ أَنَّ عَطْفَ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَة بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي ذُكِرَ لَهُمَا، وَالْمُغَايَرَة عَلَى مَرَاتِبَ:
أَعْلَاهَا: أَنْ يَكُونَا مُتَبَايِنَيْنِ، لَيْسَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْآخَرَ، وَلَا جُزْءًا مِنْهُ، وَلَا بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ، [كَقَوْلِه] (?) تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} (?). {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (?). وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ.
وَيَلِيه: أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?). {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (?).
الثَّالِثُ: عَطْفُ بَعْضِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (?). {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (?). {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ} (?).
وَفِي مِثْلِ هَذَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ مَذْكُورًا مَرَّتَيْنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ عَطْفَه عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيهِ مُنْفَرِدًا، كَمَا قِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي لَفْظِ"الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ" [وَنَحْوِه، مما] (?) تَتَنَوَّعُ دِلَالَتُه بِالْإِفْرَادِ وَالِاقْتِرَانِ.
الرَّابِعُ: عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ لِاخْتِلَافِ الصِّفَتَيْنِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {غَافِرِ}