{يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (?) أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوا نَبِيَّهُ وَيَرْضَوْا بِحُكْمِهِ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.
ش: يَتَذَبْذَبُ: يَضْطَرِبُ وَيَتَرَدَّدُ. وَهَذِهِ الْحَالَةُ الَّتِي وَصَفَهَا الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ حَالُ كُلِّ مَنْ عَدَلَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَى عِلْمِ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ يَتَأَوَّلُ النَّصَّ وَيَرُدُّهُ إِلَى الرَّأْيِ وَالْآرَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَيَئُولُ أَمْرُهُ إِلَى الْحَيْرَةِ وَالضَّلَالِ وَالشَّكِّ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِمَذَاهِبِ الْفَلَاسِفَةِ وَمَقَالَاتِهِمْ، فِي كِتَابِهِ"تَهَافُتِ التَّهَافُتِ": "وَمَنِ الَّذِي قَالَ فِي الْإِلَهِيَّاتِ شَيْئًا يُعْتَدُّ بِهِ؟ ". وَكَذَلِكَ الْآمِدِيُّ، أَفْضَلُ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَاقِفٌ فِي الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ حَائِرٌ. وَكَذَلِكَ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، انْتَهَى آخِرُ أَمْرِهِ إِلَى الْوَقْفِ وَالْحَيْرَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْكَلَامِيَّةِ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْ تِلْكَ الطُّرُقِ وَأَقْبَلَ عَلَى أَحَادِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَاتَ وَالْبُخَارِيُّ عَلَى صَدْرِهِ. وَكَذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ، قَالَ فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي [أَقْسَامِ] اللَّذَّاتِ (?)
نِهَايَةُ إِقْدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ ... وَغَايَةُ سَعْيِ الْعَالَمِينَ ضَلَالُ
وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِنَا ... وَحَاصِلُ دُنْيَانَا أَذَى وَوَبَالُ
وَلَمْ نَسْتَفِدْ مِنْ بَحْثِنَا طُولَ عُمْرِنَا ... سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ: قِيلَ وَقَالُوا