{النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (?) وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (?) وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (?) وَقَالَ تَعَالَى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (?) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثُمَّ تَلَا: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} (?). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصيمُ». خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِلرَّسُولِ نَقَصَ تَوْحِيدُهُ، فَإِنَّهُ يَقُولُ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ، أَوْ يُقَلِّدُ ذَا رَأْيٍ وَهَوًى بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ، فَيَنْقُصُ مِنْ تَوْحِيدِهِ بِقَدْرِ خُرُوجِهِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، فَإِنَّهُ قَدِ اتَّخَذَهُ فِي ذَلِكَ إِلَهًا غَيْرَ اللَّهِ. قَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (?) أَيْ: عَبَدَ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ. وَإِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ فِي الْعَالَمِ مِنْ ثَلَاثِ فِرَقٍ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ:
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ ... وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ ... وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ ... وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا