إِلَى هَذَا الْمَتْلُوِّ الْمَسْمُوعِ، إِذْ مَا فِي ذَاتِ اللَّهِ غَيْرُ مُشَارٍ إِلَيْهِ، وَلَا مُنَزَّلٍ وَلَا مَتْلُوٍّ وَلَا مَسْمُوعٍ.
وَقَوْلُهُ: {لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} (?) أَفَتُرَاهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِ مَا فِي نَفْسِي مِمَّا لَمْ يَسْمَعُوهُ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، وَمَا فِي نَفْسِ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ لَا حِيلَةَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَلَا إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قَالُوا: إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى حِكَايَةِ مَا فِي نَفْسِهِ وَعِبَارَتِهِ وَهُوَ الْمَتْلُوُّ الْمَكْتُوبُ الْمَسْمُوعُ، فَأَمَّا أَنْ يُشِيرَ إِلَى ذَاتِهِ فَلَا - فَهَذَا صَرِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، بَلْ هُمْ فِي ذَلِكَ أَكْفَرُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، فَإِنَّ حِكَايَةَ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ وَشَبَهِهِ. وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ مَحْكِيَّةٌ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ التِّلَاوَةُ حِكَايَةً لَكَانَ النَّاسُ قَدْ أَتَوْا بِمِثْلِ كَلَامِ اللَّهِ، فَأَيْنَ عَجْزُهُمْ؟! وَيَكُونُ التَّالِي - فِي زَعْمِهِمْ - قَدْ حَكَى بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ مَا لَيْسَ بِصَوْتٍ وَحَرْفٍ. وَلَيْسَ الْقُرْآنُ إِلَّا سُوَرًا مُسَوَّرَةً، وَآيَاتٍ مُسَطَّرَةً، فِي صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ. قَالَ تَعَالَى: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} (?). {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} (?). {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} (?). وَيُكْتَبُ لِمَنْ قَرَأَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ». وَهُوَ الْمَحْفُوظُ فِي صُدُورِ الْحَافِظِينَ الْمَسْمُوعُ مِنْ أَلْسُنِ التَّالِينَ. قَالَ الشَّيْخُ حَافِظُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ((الْمَنَارِ)): إِنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِلنَّظْمِ وَالْمَعْنَى. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ. وَمَا يُنْسَبُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَجْزَأَهُ - فَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ - وَقَالَ: لَا يَجُوزُ