خَلْقِهِ، الَّتِي تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ دَلِيلٍ، كَمَا يَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ (مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ)، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ش: ثَبَتَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ، وَهِيَ الْخُلَّةُ، كَمَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا. وَقَالَ: وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ». وَالْحَدِيثَانِ فِي الصَّحِيحِ وَهُمَا يُبْطِلَانِ قَوْلَ مَنْ قَالَ: الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ وَالْمَحَبَّةُ لِمُحَمَّدٍ، فَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ حَبِيبُهُ. وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ». وَالْمَحَبَّةُ قَدْ ثَبَتَتْ لِغَيْرِهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (?). {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (?).
فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ خَصَّ الْخُلَّةَ بِإِبْرَاهِيمَ وَالْمَحَبَّةَ بِمُحَمَّدٍ، بَلِ الْخُلَّةُ خَاصَّةٌ بِهِمَا، وَالْمَحَبَّةُ عَامَّةٌ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ الَّذِي فِيهِ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ، أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ»: لَمْ يَثْبُتْ (?).
وَالْمَحَبَّةُ مَرَاتِبُ:
أَوَّلُهَا: الْعَلَاقَةُ، وَهِيَ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بِالْمَحْبُوبِ. وَالثَّانِيَةُ: الْإِرَادَةُ، وَهِيَ مَيْلُ الْقَلْبِ إِلَى مَحْبُوبِهِ وَطَلَبُهُ لَهُ. الثَّالِثَةُ: الصَّبَابَةُ، وَهِيَ انْصِبَابُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُهُ صَاحِبُهُ، كَانْصِبَابِ الْمَاءِ فِي الْحُدُورِ.
الرَّابِعَةُ: الْغَرَامُ، وَهِيَ الْحُبُّ اللَّازِمُ لِلْقَلْبِ، وَمِنْهُ الْغَرِيمُ، لِمُلَازَمَتِهِ، وَمِنْهُ: