وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا». (?) وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (?). فَالْكُهَّانُ وَنَحْوُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَحْيَانًا يُخْبِرُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الْغَيْبِيَّاتِ، وَيَكُونُ صِدْقًا - فَمَعَهُمْ مِنَ الْكَذِبِ وَالْفُجُورِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي يُخْبِرُونَ بِهِ لَيْسَ عَنْ مَلَكٍ، وَلَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلِهَذَا «لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَيَّادٍ: قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا، فَقَالَ: هُوَ الدُّخُّ - قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ يَعْنِي: إِنَّمَا أَنْتَ كَاهِنٌ». وَقَدْ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. وَقَالَ: أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ، وَذَلِكَ هُوَ عَرْشُ الشَّيْطَانِ وَبَيَّنَ أَنَّ الشُّعَرَاءَ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، وَالْغَاوِي: الَّذِي يَتَّبِعُ هَوَاهُ وَشَهْوَتَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا لَهُ فِي الْعَاقِبَةِ.
فَمَنْ عَرَفَ الرَّسُولَ وَصِدْقَهُ وَوَفَاءَهُ وَمُطَابَقَةَ قَوْلِهِ لِعَمَلِهِ (?) - عَلِمَ عِلْمًا يَقِينًا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَاعِرٍ وَلَا كَاهِنٍ.
وَالنَّاسُ يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ، حَتَّى فِي الْمُدَّعِي