الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُوحَى إِلَيْهِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَإِنْ فَهِمْتَ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فَقَدْ حَصَلَ لَكَ الْعِلْمُ النَّافِعُ! !
فَمَنْ أَكْفُرُ مِمَّنْ ضَرَبَ لِنَفْسِهِ الْمَثَلَ بِلَبِنَةِ ذَهَبٍ، وَلِلرُّسُلِ الْمَثَلَ بِلَبِنَةِ فِضَّةٍ، فَيَجْعَلُ نَفْسَهُ أَعْلَى وَأَفْضَلَ مِنَ الرُّسُلِ؟ ! تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غَافِرٍ: 56] . وَكَيْفَ يَخْفَى كُفْرُ مَنْ هَذَا كَلَامُهُ؟ وَلَهُ مِنَ الْكَلَامِ أَمْثَالُ هَذَا، وَفِيهِ مَا يَخْفَى مِنْهُ الْكُفْرُ، وَمِنْهُ مَا يَظْهَرُ، فَلِهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى نَاقِدٍ جَيِّدٍ، لِيُظْهِرَ زَيْفَهُ، فَإِنَّ مِنَ الزَّغَلِ مَا يَظْهَرُ لِكُلِّ نَاقِدٍ، وَمِنْهُ مَا لَا يَظْهَرُ إِلَّا لِلنَّاقِدِ الْحَاذِقِ الْبَصِيرِ. وَكُفْرُ ابْنُ عَرَبِيٍّ وَأَمْثَالُهُ فَوْقَ كُفْرِ الْقَائِلِينَ: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الْأَنْعَامِ: 124] . وَلَكِنَّ ابْنَ عَرَبِيٍّ وَأَمْثَالَهُ مُنَافِقُونَ زَنَادِقَةٌ، اتِّحَادِيَّةٌ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، وَالْمُنَافِقُونَ يُعَامَلُونَ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ، لِإِظْهَارِهِمُ الْإِسْلَامَ، كَمَا كَانَ يُظْهِرُهُ الْمُنَافِقُونَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَهُوَ يُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يَظْهَرُ مِنْهُمْ. فَلَوْ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَا يُبْطِنُهُ مِنَ الْكُفْرِ، لَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ. وَلَكِنْ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ خِلَافٌ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ قَبُولِهَا، وَهِيَ رِوَايَةُ مُعَلَّى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
قَوْلُهُ: (وَنُؤْمِنُ بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَاتِهِمْ، وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ) .