وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قُتِلَ كَثُرَ الْكَذِبُ وَالِافْتِرَاءُ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلَى مَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَعَظُمَتِ الشُّبْهَةُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْحَالَ، وَقَوِيَتِ الشَّهْوَةُ فِي نُفُوسِ ذَوِي الْأَهْوَاءِ وَالْأَغْرَاضِ، مِمَّنْ بَعُدَتْ دَارُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَمُحِبِّي عُثْمَانَ تَظُنُّ بِالْأَكَابِرِ ظُنُونَ سُوءٍ، وَبُلِّغَ عَنْهُمْ أَخْبَارًا، مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّفٌ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ، وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ أَهْوَاءُ قَوْمٍ يُحِبُّونَ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ. وَكَانَ فِي عَسْكَرِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أُولَئِكَ الطُّغَاةِ الْخَوَارِجِ، الَّذِينَ قَتَلُوا عُثْمَانَ - مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ، وَمَنْ تَنْتَصِرُ لَهُ قَبِيلَتُهُ، وَمَنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ بِمَا فَعَلَهُ، وَمَنْ فِي قَلْبِهِ نِفَاقٌ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِظْهَارِهِ كُلِّهِ، وَرَأَى طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُنْتَصَرْ لِلشَّهِيدِ الْمَظْلُومِ، وَيُقْمَعْ أَهْلُ الْفَسَادِ وَالْعُدْوَانِ، وَإِلَّا اسْتَوْجَبُوا غَضَبَ اللَّهِ وَعِقَابَهُ. فَجَرَتْ فِتْنَةُ الْجَمَلِ عَلَى غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْ عَلِيٍّ، وَلَا مِنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَإِنَّمَا أَثَارَهَا الْمُفْسِدُونَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَرَتْ فِتْنَةُ صِفِّينَ لِرَأْيٍ، وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَمْ يُعْدَلْ عَلَيْهِمْ، أَوْ لَا يُتَمَكَّنْ مِنَ الْعَدْلِ عَلَيْهِمْ - وَهُمْ كَافُّونَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ أَمْرُ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهُمْ يَخَافُونَ طُغْيَانَ مَنْ فِي