قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قَدْ نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الدُّعَاءِ، وَفِي ذَلِكَ مَعَانٍ:
أَحَدُهَا: الْوُجُودُ، فَإِنَّ مَنْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ لَا يُدْعَى.
الثَّانِي: الْغِنَى، فَإِنَّ الْفَقِيرَ لَا يُدْعَى.
الثَّالِثُ: السَّمْعُ، فَإِنَّ الْأَصَمَّ لَا يُدْعَى.
الرَّابِعُ: الْكَرَمُ، فَإِنَّ الْبَخِيلَ لَا يُدْعَى.
الْخَامِسُ: الرَّحْمَةُ، فَإِنَّ الْقَاسِيَ لَا يُدْعَى.
السَّادِسُ: الْقُدْرَةُ، فَإِنَّ الْعَاجِزَ لَا يُدْعَى.
وَمَنْ يَقُولُ بِالطَّبَائِعِ يَعْلَمُ أَنَّ النَّارَ لَا يُقَالُ لَهَا: كُفِّي! وَلَا النَّجْمُ يُقَالُ لَهُ: أَصْلِحَ مِزَاجِي! ! لِأَنَّ هَذِهِ عِنْدَهُمْ مُؤَثِّرَةٌ طَبْعًا لَا اخْتِيَارًا، فَشَرَعَ الدُّعَاءَ وَصَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ لِيُبَيِّنَ كَذِبَ أَهْلِ الطَّبَائِعِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَغَالِيَةِ الْمُتَصَوِّفَةِ إِلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ! قَالُوا: لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ الْإِلَهِيَّةَ إِنِ اقْتَضَتْ وُجُودَ الْمَطْلُوبِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الدُّعَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَقْتَضِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الدُّعَاءِ! ! وَقَدْ يَخُصُّ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ خَوَاصَّ الْعَارِفِينَ! وَيَجْعَلُ الدُّعَاءَ عِلَّةً فِي مَقَامِ الْخَوَاصِّ! ! وَهَذَا