وَالْكَلِمَاتُ الشَّرْعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [الْبَقَرَةِ: 124] .
وَقَوْلُهُ: يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ أَبَدًا - الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ تَنْزِيهِ اللَّهِ نَفْسَهُ عَنْ ظُلْمِ الْعِبَادِ، يَقْتَضِي قَوْلًا وَسَطًا بَيْنَ قَوْلَيِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ، فَلَيْسَ مَا كَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ ظُلْمًا وَقَبِيحًا يَكُونُ مِنْهُ ظُلْمًا وَقَبِيحًا، كَمَا تَقُولُهُ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَنَحْوُهُمْ! فَإِنَّ ذَلِكَ تَمْثِيلٌ لِلَّهِ بِخَلْقِهِ! وَقِيَاسٌ لَهُ عَلَيْهِمْ! هُوَ الرَّبُّ الْغَنِيُّ الْقَادِرُ، وَهُمُ الْعِبَادُ الْفُقَرَاءُ الْمَقْهُورُونَ. وَلَيْسَ الظُّلْمُ عِبَارَةً عَنِ الْمُمْتَنَعِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ [طَهَ: 112] وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29] وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزُّخْرُفِ: 76] وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الْكَهْفِ: 49] وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غَافِرٍ: 17] . يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ هَذَا الْقَوْلِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ رَسُولُهُ: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» . فَهَذَا دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ: