وَهَدَى اللَّهُ أَهْلَ السُّنَّةِ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. فَإِنَّ الْبَاءَ الَّتِي فِي النَّفْيِ غَيْرُ الْبَاءِ الَّتِي فِي الْإِثْبَاتِ، فَالْمَنْفِيُّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ» بَاءُ الْعِوَضِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ كَالثَّمَنِ لِدُخُولِ الرَّجُلِ إِلَى الْجَنَّةِ، كَمَا زَعَمَتِ الْمُعْتَزِلَةُ أَنَّ الْعَامِلَ مُسْتَحِقٌّ دُخُولَ الْجَنَّةِ عَلَى رَبِّهِ بِعَمَلِهِ! بَلْ ذَلِكَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ. وَالْبَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فُصِّلَتْ: 17] وَنَحْوُهَا، بَاءُ السَّبَبِ، أَيْ بِسَبَبِ عَمَلِكُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ، فَرَجَعَ الْكُلُّ إِلَى مَحْضِ فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ الْمُعْتَزِلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 14] ، فَمَعْنَى الْآيَةِ: أَحْسَنُ الْمُصَوِّرِينَ الْمُقَدِّرِينَ. وَالْخَلْقُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ التَّقْدِيرُ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرَّعْدِ: 16] وَ [الصَّافَّاتِ: 96] . وَلَا نَقُولُ لِأَنَّ: " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: