قَائِلًا بِالْبَاطِلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا وَإِنِ اتَّفَقَا فِي مُسَمَّى مَا اتَّفَقَا فِيهِ، فَاللَّهُ تَعَالَى مُخْتَصٌّ بِوُجُودِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ، وَالْعَبْدُ لَا يَشْرَكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْعَبْدُ أَيْضًا مُخْتَصٌّ بِوُجُودِهِ وَعِلْمِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ مُشَارَكَةِ الْعَبْدِ فِي خَصَائِصِهِ.
وَإِذَا اتَّفَقَا فِي مُسَمَّى الْوُجُودِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، فَهَذَا الْمُشْتَرَكُ مُطْلَقٌ كُلِّيٌّ يُوجَدُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، وَالْمَوْجُودُ فِي الْأَعْيَانِ مُخْتَصٌّ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ.
وَهَذَا مَوْضِعٌ اضْطَرَبَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النُّظَّارِ، حَيْثُ تَوَهَّمُوا أَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي مُسَمَّى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُودُ الَّذِي لِلرَّبِّ كَالْوُجُودِ الَّذِي لِلْعَبْدِ.
وَطَائِفَةٌ ظَنَّتْ أَنَّ لَفْظَ الْوُجُودِ يُقَالُ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، وَكَابَرُوا عُقُولَهُمْ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَامَّةٌ قَابِلَةٌ لِلتَّقْسِيمِ، كَمَا يُقَالُ: الْمَوْجُودُ يَنْقَسِمُ إِلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ، وَقَدِيمٍ وَحَادِثٍ. وَمَوْرِدُ التَّقْسِيمِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَقْسَامِ، وَاللَّفْظُ الْمُشْتَرَكُ كَلَفْظِ الْمُشْتَرِي الْوَاقِعِ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَالْكَوْكَبِ، لَا يَنْقَسِمُ مَعْنَاهُ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَفْظُ " الْمُشْتَرِي " يُقَالُ عَلَى كَذَا أَوْ عَلَى كَذَا، وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَوْضِعِهِ.
وَأَصْلُ الْخَطَأِ وَالْغَلَطِ: تَوَهُّمُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ الْعَامَّةَ الْكُلِّيَّةَ يَكُونُ مُسَمَّاهَا الْمُطْلَقُ الْكُلِّيُّ هُوَ بِعَيْنِهِ ثَابِتًا فِي هَذَا الْمُعَيَّنِ وَهَذَا الْمُعَيَّنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَا يُوجَدُ فِي الْخَارِجِ لَا يُوجَدُ مُطْلَقًا كُلِيًّا، بَلْ لَا يُوجَدُ إِلَّا مُعَيَّنًا مُخْتَصًّا، وَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ إِذَا سُمِّيَ اللَّهُ بِهَا كَانَ مُسَمَّاهَا مُعَيَّنًا مُخْتَصًّا بِهِ، فَإِذَا سُمِّيَ بِهَا الْعَبْدُ كَانَ مُسَمَّاهَا مُخْتَصًّا بِهِ. فَوُجُودُ اللَّهِ وَحَيَاتُهُ لَا يُشَارِكُهُ