رَدُّهَا إِلَيْهِ وَقْتَ سَلَامِ الْمُسَلِّمِ، وَوَرَدَ أَنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ. وَهَذَا الرَّدُّ إِعَادَةٌ خَاصَّةٌ لَا يُوجِبُ حَيَاةَ الْبَدَنِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
الْخَامِسُ: تَعَلُّقُهَا بِهِ يَوْمَ بَعْثِ الْأَجْسَادِ، وَهُوَ أَكْمَلُ أَنْوَاعِ تَعَلُّقِهَا بِالْبَدَنِ، وَلَا نِسْبَةَ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعَلُّقِ إِلَيْهِ، إِذْ هُوَ تَعَلُّقٌ لَا يَقْبَلُ الْبَدَنُ مَعَهُ مَوْتًا وَلَا نَوْمًا وَلَا فَسَادًا، فَالنَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ. فَتَأَمُّلُ هَذَا يُزِيحُ عَنْكَ إِشْكَالَاتٍ كَثِيرَةً.
وَلَيْسَ السُّؤَالُ فِي الْقَبْرِ لِلرُّوحِ وَحْدَهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ، وَأَفْسَدُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لِلْبَدَنِ بِلَا رُوحٍ! وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ الْقَوْلَيْنِ.
وَكَذَلِكَ عَذَابُ الْقَبْرِ يَكُونُ لِلنَّفْسِ وَالْبَدَنِ جَمِيعًا، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، تَنْعَمُ النَّفْسُ وَتُعَذَّبُ مُفْرَدَةً عَنِ الْبَدَنِ وَمُتَّصِلَةً بِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ هُوَ عَذَابُ الْبَرْزَخِ، فَكُلُّ مَنْ مَاتَ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ نَالَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ، قُبِرَ أَوْ لَمْ يُقْبَرْ، أَكَلَتْهُ السِّبَاعُ