وَأَطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ؟ لِأَنَّ أُولِي الْأَمْرِ لَا يُفْرَدُونَ بِالطَّاعَةِ، بَلْ يُطَاعُونَ فِيمَا هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. وَأَعَادَ الْفِعْلَ مَعَ الرَّسُولِ لِأَنَّ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، فَإِنَّ الرَّسُولَ لَا يَأْمُرُ بِغَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، بَلْ هُوَ مَعْصُومٌ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا وَلِيُّ الْأَمْرِ فَقَدْ يَأْمُرُ بِغَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، فَلَا يُطَاعُ إِلَّا فِيمَا هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولُهُ.
وَأَمَّا لُزُومُ طَاعَتِهِمْ وَإِنْ جَارُوا، فَلِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ طَاعَتِهِمْ مِنَ الْمَفَاسِدِ أَضْعَافُ مَا يَحْصُلُ مِنْ جَوْرِهِمْ، بَلْ فِي الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِمْ تَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ وَمُضَاعَفَةُ الْأُجُورِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا سَلَّطَهُمْ عَلَيْنَا إِلَّا لِفَسَادِ أَعْمَالِنَا، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، فَعَلَيْنَا الِاجْتِهَادُ فِي الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ وَإِصْلَاحِ الْعَمَلِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّورَى: 30] . وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 165] وَقَالَ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النِّسَاءِ: 79] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الْأَنْعَامِ: 129] . فَإِذَا أَرَادَ الرَّعِيَّةُ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ ظُلْمِ الْأَمِيرِ الظَّالِمِ، فَلْيَتْرُكُوا الظُّلْمَ.
وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ اللَّهِ: أَنَا اللَّهُ مَالِكُ الْمُلْكِ، قُلُوبُ الْمُلُوكِ بِيَدِي، فَمَنْ أَطَاعَنِي جَعَلْتُهُمْ عَلَيْهِ رَحْمَةً،