الْجَوَابَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِيمَانِ، فَحَدِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مُشْكِلٌ عَلَيْهِ.
وَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ أَكْثَرَ مِنَ الْخِصَالِ الْخَمْسِ الَّتِي أَجَابَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ الْمَذْكُورِ، فَلِمَ قَالَ إِنَّ الْإِسْلَامَ هَذِهِ الْخِصَالُ الْخَمْسُ؟ وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُ النَّاسِ بِأَنَّ هَذِهِ أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَأَعْظَمُهَا، وَبِقِيَامِهِ بِهَا يَتِمُّ اسْتِسْلَامُهُ، وَتَرْكُهُ لَهَا يُشْعِرُ بِانْحِلَالِ قَيْدِ انْقِيَادِهِ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدِّينَ الَّذِي هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ مُطْلَقًا، الَّذِي يَجِبُ لِلَّهِ عِبَادَةً مَحْضَةً عَلَى الْأَعْيَانِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، لِيَعْبُدَ اللَّهَ بِهَا مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ، وَهَذِهِ هِيَ الْخَمْسُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِبُ بِأَسْبَابٍ وَمَصَالِحَ، فَلَا يَعْلَمُ وُجُوبَهَا جَمِيعُ النَّاسِ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ إِمَارَةٍ، وَحُكْمٍ، وَفُتْيَا، وَإِقْرَاءٍ، وَتَحْدِيثٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِسَبَبِ حَقِّ الْآدَمِيِّينَ، فَيَخْتَصُّ بِهِ مَنْ وَجَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَقَدْ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ، مِنْ قَضَاءِ الدُّيُونِ، وَرَدِّ الْأَمَانَاتِ وَالْمَغْصُوبِ، وَالْإِنْصَافِ مِنَ الْمَظَالِمِ، مِنَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ، وَحُقُوقِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ غَيْرُ الْوَاجِبِ عَلَى عَمْرٍو. بِخِلَافِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ