الْمَقَالَاتِ وَالْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ، الْمُخَالِفَةِ لِلْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، أَوِ الْمُخَالِفَةِ لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِمْ، عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَسَطٍ، مِنْ جِنْسِ الِاخْتِلَافِ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الْعَمَلِيَّةِ.
فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا نُكَفِّرُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَحَدًا، فَتَنْفِي التَّكْفِيرَ نَفْيًا عَامًّا، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ الْمُنَافِقِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَكْفَرُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَفِيهِمْ مَنْ قَدْ يُظْهِرُ بَعْضَ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُهُمْ، وَهُمْ يَتَظَاهَرُونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ.
وَأَيْضًا: فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَظْهَرَ إِنْكَارَ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَالْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ كَافِرًا مُرْتَدًّا. وَالنِّفَاقُ وَالرِّدَّةُ مَظِنَّتُهُمَا الْبِدَعُ وَالْفُجُورُ، كَمَا ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ، بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَسْرَعَ النَّاسِ رِدَّةً أَهْلُ الْأَهْوَاءِ، وَكَانَ يَرَى هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الْأَنْعَامِ: 68] .
وَلِهَذَا امْتَنَعَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّا لَا نُكَفِّرُ أَحَدًا