وَقَدْ جَاءَتِ الْأَقْلَامُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَغَيْرِهَا مَجْمُوعَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِلْمَقَادِيرِ أَقْلَامًا غَيْرَ الْقَلَمِ الْأَوَّلِ، الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ.
وَالَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ أَنَّ الْأَقْلَامَ أَرْبَعَةٌ، وَهَذَا التَّقْسِيمُ غَيْرُ التَّقْسِيمِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ:
الْقَلَمُ الْأَوَّلُ: الْعَامُّ الشَّامِلُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ اللَّوْحِ.
الْقَلَمُ الثَّانِي: حِينَ خُلِقَ آدَمُ، وَهُوَ قَلَمٌ عَامٌّ أَيْضًا، لَكِنْ لِبَنِي آدَمَ، وَرَدَ فِي هَذَا آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ وَأَرْزَاقَهُمْ وَآجَالَهُمْ وَسَعَادَتَهُمْ، عَقِيبَ خَلْقِ أَبِيهِمْ.
الْقَلَمُ الثَّالِثُ: حِينَ يُرْسَلُ الْمَلَكُ إِلَى الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، فَيَنْفَخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: يَكَتُبُ رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشِقِّيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
الْقَلَمُ الرَّابِعُ: الْمَوْضُوعُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَ بُلُوغِهِ، الَّذِي بِأَيْدِي الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، الَّذِينَ يَكْتُبُونَ مَا يَفْعَلُهُ بَنُو آدَمَ، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.