قَالَ تَعَالَى: {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 200] (الْبَقَرَةِ: 200) ، أَيْ: اسْتَمْتَعْتُمْ بِنَصِيبِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِنَصِيبِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا، أَيْ: كَالْخَوْضِ الَّذِي خَاضُوهُ، أَوْ كَالْفَوْجِ أَوِ الصِّنْفِ أَوِ الْجِيلِ الَّذِي خَاضُوا.
وَجَمَعَ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْخَلَاقِ وَبَيْنَ الْخَوْضِ، لِأَنَّ فَسَادَ الدِّينِ إِمَّا فِي الْعَمَلِ وَإِمَّا فِي الِاعْتِقَادِ، فَالْأَوَّلُ مِنْ جِهَةِ الشَّهَوَاتِ، وَالثَّانِي مِنْ جِهَةِ الشُّبُهَاتِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَتَأْخُذَنَّ أُمَّتِي مَآخِذَ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، قَالُوا: فَارِسُ وَالرُّومُ؟ قَالَ: فَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ» . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً كَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى