نَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، وَإِنَّمَا نَحْنُ مُتَّبِعُونَ لَا مُبْتَدِعُونَ.
فَالْوَاجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، أَعْنِي بَابَ الصِّفَاتِ، فَمَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَثْبَتْنَاهُ، وَمَا نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَفَيْنَاهُ. وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي وَرَدَ بِهَا النَّصُّ يُعْتَصَمُ بِهَا فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ، فَنُثْبِتُ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي. وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي لَمْ يَرِدْ نَفْيُهَا وَلَا إِثْبَاتُهَا فَلَا تُطْلَقُ حَتَّى يُنْظَرَ فِي مَقْصُودِ قَائِلِهَا: فَإِنْ كَانَ مَعْنًى صَحِيحًا قُبِلَ، لَكِنْ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِأَلْفَاظِ النُّصُوصِ، دُونَ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ، إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ، مَعَ قَرَائِنَ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ وَالْحَاجَةَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ مَعَ مَنْ لَا يَتِمُّ الْمَقْصُودُ مَعَهُ إِنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَالشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى الْمُشَبِّهَةِ، كَدَاوُدَ الْجَوَارِبِيِّ وَأَمْثَالِهِ الْقَائِلِينَ: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ، وَإِنَّهُ جُثَّةٌ وَأَعْضَاءٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.