العلوم غاية الندم، وتمنى أنه أمسك عن التكلم بما لا يعنيه، وسكت عن الخوض فيما لا يدريه، وما أحسن ما أدبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من قوله: "رحم الله امرءا قال خيرا أو صمت"، وهذا في الذي تكلم في العلم قبل أن يفتح الله عليه بما لابد منه، وشغل نفسه بالتعصب للعلماء، وتصدى للتصويب والتخطئة في شيء لم يعلمه ولا فهمه حق فهمه، ولم يقل خيرا ولا صمت، فلم يتأدب بالأدب الذي أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا تقرر لك من مجموع ما ذكرناه وجوب الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب العزيز وإجماع المسلمين أجمعين، عرفت أن من زعم للناس أنه يمكن معرفة المخطئ من العلماء من غير هذه الطريق عند اختلافهم في مسألة من المسائل فهو مخالف لما في كتاب الله، ومخالف لإجماع المسلمين أجمعين، فانظر أرشدك الله إلى أي جناية جنى على نفسه بهذا الزعم الباطل وأي مصيبة وقع فيها بهذا الخطأ الفاحش، وأي بلية جلبها عليه القصور والتقصير، وأي محنة شديدة ساقها إليه التكلم فيما ليس من شأنه؟.
وها أنا أوضح لك مثالا لما ذكرناه من الاختلاف بين أهل العلم، ومن كيفية الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ليتبين المصيب من المخطئ، ومن بيده الحق ومن بيده غيره، حتى تعرف الحق حق معرفته، ويتضح لك غاية الاتضاح، فإن