فيحصل بذلك مقصود أولئك الذين جعلهم الشيطان من إخوانه من بني آدم على ذلك القبر. فإنهم إنما فعلوا تلك الأفاعيل وهولوا على الناس بتلك التهاويل، وكذبوا تلك الأكاذيب، لينالوا جانبا من الحطام من أموال الطغام الأغتام وبهذه الذريعة الملعونة، والوسيلة الإبليسية تكاثرت الأوقاف على القبور، وبلغت مبلغا عظيما، حتى بلغت غلات ما يوقف على المشهورين منهم ما لو اجتمعت أوقافه لبلغ ما يقتاته أهل قرية كبيرة من قرى المسلمين. ولو بيعت تلك الحبائس الباطلة لأغنى الله بها طائفة عظيمة من الفقراء، وكلها من النذر في معصية الله.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نذر في معصية الله". وهى أيضا من النذر الذي لا يبتغى به وجه الله بل كلها من النذور التي يستحق بها فاعلها غضب الله وسخطه. لأنها تفضي بصاحبها إلى ما يفضي به اعتقاد الإلهية في الأموات من تزلزل قدم الدين؟ إذ لا يسمح بأحب أمواله وألصقها بقلبه إلا وقد زرع الشيطان في قلبه من محبة وتعظيم ذلك القبر وصاحبه والمغالاة في الاعتقاد فيه ما لا يعود به إلى الإسلام سالما. نعوذ بالله من الخذلان.
ولاشك أن غالب هؤلاء المغرورين المخدوعين لو طلب منهم طالب أن ينذر بذلك الذي نذر به لقبر ميت على ما هو طاعة من الطاعات وقربة من القربات لم يفعل، ولا كاد