بأنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، وأنه لا يغني عن أخص قرابته من الله شيئا؟.
فيا عجبا! كيف يطمع من له أدنى نصيب من علم، أو أقل حظ من عرفان أن ينفعه أو يضره فرد من أفراد أمة هذا النبي الذي يقول عن نفسه هذه المقالة؟ والحال أنه فرد من التابعين له المقتدين بشرعه.
فهل سمعت أذناك -أرشدك الله- بضلال عقل أكبر من هذا الضلال الذي وقع في عباد أهل القبور؟! {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
وقد أوضحنا هذا أبلغ إيضاح في رسالتنا التي سميناها: "الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد" وهي موجودة بأيدي الناس فلاشك ولا ريب أن السبب الأعظم الذي نشأ منه هذا الاعتقاد في الأموات هو ما زينه الشيطان للناس من رفع القبور، ووضع الستور عليها، وتجصيصها وتزيينها بأبلغ زينة، وتحسينها بأكمل تحسين. فإن الجاهل إذا وقعت عينه على قبر من القبور قد بنيت عليه قبة فدخلها، ونظر على القبور الستور الرائعة، والسرج المتلألئة، وقد سطعت حوله مجامر الطيب، فلا شك ولا ريب أنه يمتلئ قلبه تعظيما لذلك القبر، ويضيق ذهنه عن تصور ما لهذا الميت من المنزلة ويدخله من الروعة والمهابة ما يزرع في قلبه من العقائد الشيطانية التي هي من أعظم مكائد الشيطان للمسلمين، وأشد وسائله إلى ضلال العباد ما يزلزله عن الإسلام قليلا قليلا، حتى