لا يتأرّى لما في القدر يطلبه (?).
فقال كسرى لترجمانه: ما يقول؟ ففسره له، فقال كسرى: هذا قبيح، ثم غنّاه المغني:
أتتك العيس تنفخ في براها (?).
فقال كسرى لترجمانه: ما يقول؟ فقال: لا أدري، فقال بعض جلسائه: «شاهنشاه، أشتر أف أف»، معناه: يا ملك الملوك، هذا جمل ينفخ. وأشتر بلغتهم: الجمل. وأف، حكاية النفخ. قال طليحة: فأضحكني تفسيره العربية بالفارسية. [يلاحظ أن كسرى لم يعلق على معنى الغناء]. قال: ثم غناه المغني بشعر فارسيّ لم أفهمه، فطرب كسرى، وملئت له كأس، وقام فشربها قائما، ودارت الكأس على جميع الجلساء.
قال طليحة: «وكان الترجمان إلى جانبي، فقلت له: ما هذا الشعر الذي أطرب الملك هذا الطرب؟ فقال: خرج يوما متنزها، فلقي غلاما حسن الصورة، وفي يمينه ورد، فاستحسنه وأمر أن يصنع له فيه شعر، فإذا غناه المغني ذلك الشعر طرب، وفعل ما رأيت.
فقلت (طليحة): ما في هذا مما يطرب حتى يبلغ فيه هذا المبلغ؟ فسأل كسرى الترجمان عما حاورني فيه، فأخبره. فقال: قل له: إذا كان هذا لا يطرب، فما الذي يطربك أنت؟ فأدى إليّ الترجمان قوله، فقلت: قول الأعشى:
ما بكاء الكبير بالأطلال ... البيت
فأخبره الترجمان بذلك، فقال كسرى: وما معنى هذا؟ فقلت: هذا شيخ كبير مرّ بمنزل محبوبته فوجده خاليا قد عفا
وتغيّر، وجعل يبكي. فضحك كسرى وقال: