المفاخر، وبعضها يبدأ بالخمر، ومع ذلك فإن جلّ ما وصلنا من قصائد الشعر القديم في موضوع الفخر. ففي «المفضليات» نحو ثمانين قصيدة في الفخر من أصل (130) مختارة. وفي «الأصمعيات» خمس وأربعون قصيدة في الفخر من أصل سبعين مختارة. وفي «ديوان الحماسة» (261) مختارة في الفخر وهو أوسع أبواب الحماسة. ويمكن أن نضمّ قصائد الهجاء إلى قصائد الفخر؛ لأن قصيدة الهجاء تحتوي مع الهجاء فخرا، فالشاعر يمدح أمجاد المهجوّ ولكنه مع ذلك يذكر أمجاد قومه من باب المقابلة، وهذا المذهب واضح في قصائد النقائض.

3 - أما قصائد الرثاء، فليس فيها الشبهة التي ترد على قصائد المدح والفخر، لأن قصيدة الرثاء تبدأ بالرثاء، أو ما يتصل بالرثاء من مظاهر الحزن، ليكون مدخلا إلى تعداد مآثر الميت، وإليك مطالع أشهر قصائد الرثاء في الشعر العربي القديم:

قال: أعشى باهلة (عامر بن الحارث) يرثي أخاه لأمه:

قد جاء من عل أبناء أنبّئها … إليّ لا عجب منها ولا سخر

فظلت مرتفقا للنجم أرقبه … حرّان مكتئبا لو ينفع الحذر

وقال كعب بن سعد الغنويّ يرثي أخاه:

تقول سليمى ما لجسمك شاحبا … كأنّك يحميك الشراب طبيب

فقلت ولم أعي الجواب ولم ألح … وللدهر في صمّ السّلام نصيب

[لم ألح: لم أحاذر. والسّلام، بكسر السين: الحجارة الصلبة].

تتابع أحداث تخرّمن إخوتي … وشيّبن رأسي والخطوب تشيب

وقال متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا:

لعمري وما دهري بتأبين هالك … ولا جزعا مما أصاب فأوجعا

وقال في مطلع قصيدة أخرى:

أرقت ونام الأخلياء وهاجني … مع الليل همّ في الفؤاد وجيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015