مع العلم أن ابن هشام متوفى سنة 761 هـ، والشيخ خالد متوفى سنة 905 هـ وبين الاثنين حوالي القرن ونصف القرن.

ب - روي البيت في كتب النحو «في لجة الماء» والصحيح «من جمّة الماء» وقد أثّر هذا التحريف في فهم صانعي الحواشي على كتب النحو، كما سيأتي في الملاحظات.

ج - صنع الشيخ ياسين، المتوفى سنة 1061 هـ، حاشية على كتاب «شرح التصريح» فشرح البيت كما نقله الشيخ خالد، وأغرب في شرحه لأنه لم يرجع إلى قصيدة البيت. فقال: لجّة الماء: معظمه. والغامر، بالمعجمة: المغطّي وهي مبني للفاعل (اسم فاعل) وأسند إلى المفعول، كراضية في قوله تعالى: عِيشَةٍ راضِيَةٍ* أي: مرضيّة. ونقل عن الدماميني (محمد بن أبي بكر) المتوفى سنة 827 هـ من شرحه على «المغني» أنّ المعنى «أنّه ترك هذا الرجل وتمهّل في إنقاذه، كما كان فيه، إلى أن وصل إلى حالة أشبه فيها من هو مغمور في اللجة، يخرج يده ليتناولها من ينقذه، وهذه حالة الغريق» أه. وهذا الفهم بعيد كلّ البعد عن معنى البيت في سياق القصيدة.

د - والحقّ: أن البيت جاء في سياق أبيات يصف الشاعر فيها ناقته، ويشبهها بحمار وحشيّ، ثم يصف الحمار الوحشي، ثم يقول: إن الحمار الوحشي كان في عطش شديد، فورد عين ماء فصادف عليها صيّادا.

فقوله: فأمهله: فاعل أمهل ضمير الصيّاد، والهاء: ضمير الحمار الوحشي. و «حتى»: غاية لما قبلها. والمعاطي: المتناول. وقوله: معاطي يد، أي: معاطي في يد. وجمّة الماء - بفتح الجيم - مجتمعه. ومن جمة: متعلق بغارف، و «إذا» في البيت ظرفية مجرّدة عن معنى الشرط، وفعلها محذوف يفهم من المقام، تقديره: حتى إذا صار الحمار من الماء في القرب مثل الرّجل الذي يتناول بيده غرفا. وفي الأبيات التالية يقول: إن الصيّاد هيّأ سهما، فأرسله ليصيب من الحمار مقتلا، فأخطأ السهم المقتل. [شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي ج 1/ 164].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015