«أيّ». أو عطفا على «أنت». فإن كان عطفا على «أيّ». وجب أن يكون بإعادة حرف الاستفهام، وخرج عن معنى المدح فيصير: أي فتى هيجاء، وأيّ جارها أنت. وإن كان عطفا على «أنت» صار التقدير: أيّ فتى هيجاء أنت، والذي هو جار الهيجاء، وكأنه قال:
أنت ورجل آخر جار هيجاء، ولم يقصد الشاعر إلى هذا والله أعلم. [سيبويه/ 1/ 244].
هذا البيت للشاعر الفارس، عمرو بن معد يكرب، وقبله:
ولما رأيت الخيل زورا كأنها … جداول زرع أرسلت فاسبطرّت
فجاشت إليّ النفس أول مرة … فردّت على مكروهها فاستقرت
علام ... والأبيات في الحماسة الطائية، يصف الشاعر نفسه في الحرب.
وقوله: زورا: جمع أزور، وهو المعوجّ الزّور، أي: الصدر. يقول: رأيت الفرسان منحرفين للطعن، وقد خلّوا أعنة دوابّهم وأرسلوها علينا كأنها أنهار زرع أرسلت مياهها، فاسبطرت أي: امتدت. والتشبيه وقع على جري الماء في
الأنهار، لا على الأنهار فكأنه شبه امتداد الخيل في انحرافها عند الطعن، بامتداد الماء في الأنهار، وهو يطرد ملتويا ومضطربا. وهذا تشبيه بديع. وقوله: فجاشت: أي: ارتفعت من فزع، وهذا ليس لكونه جبانا، بل هذا بيان حال النفس، ونفس الجبان والشجاع سواء فيما يدهمها عند الوثبة الأولى، ثم يختلفان، فالجبان يهرب، والشجاع يدفع نفسه فيثبت، وقوله: فجاشت:
الفاء زائدة. وجاشت: جواب «لمّا»، أو: الفاء عاطفة، والجواب في بيت سابق هذا البيت، حذفه أبو تمام من مختاره، وهو قوله:
هتفت فجاءت من زبيد عصابة … إذا طردت فاءت قريبا فكرّت
وقوله: علام: على حرف جرّ، و «ما» استفهامية، ولهذا حذفت ألفها، وهي متعلقة ب «تقول»، والعاتق: ما بين المنكب والعنق. وهو موضع الرداء. وأما جواب (إذا) الأولى فهو يثقل. والثانية: أطعن. وقيل: جواب الأول محذوف، وإذا الأولى وما ناب عن جوابها في موضع جواب الثانية كأنه قال: إذا الخيل كرت وجب إلقائي الرمح مع تركي الطعن به.
وفي البيت شاهدان: الأول: أن «على» فيه للتعليل. وهو مذهب ابن مالك والكوفيين.