والشاهد في البيت الثاني، ويروي النحويون مطلعه (بأيدي رجال). ولكن ما أثبتّه يتناسب ونسق الأبيات المرويّة.
والبيت الثاني من المشكل في معناه، قالوا: شام: من الأضداد: شام سيفه: إذا سلّه وشام سيفه، إذا أغمده. ولذلك أعطوه تفسيرين: الأول: لم يغمدوا سيوفهم إلا بعد أن كثرت بها القتلى، كما تقول: لم أضربك ولم تجن عليّ، أي: إلا بعد أن جنيت عليّ.
والمعنى الثاني: لم يسلّوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى كما تقول: لم ألقك ولم أحسن إليك، أي: إلا وقد أحسنت إليك. والقولان صحيحان .. والشاهد في البيت الثاني: أنّ الواو دخلت على الجملة الفعلية الحالية، وهي هنا جملة (ولم تكثر القتلى) فهي حال من الواو في (يشيموا). والأصل أنّ الواو الحالية تدخل على الجملة الاسمية، وتكون مع (قد) مع جملة الحال الفعلية ولذلك يقدرون: (وقد لم) .. قالوا: ووجب أن تكون الواو هنا للحال، لأن تقدير
العطف يفسد المعنى، وينقلب المدح ذما. والله أعلم. [الإنصاف/ 667، وشرح المفصل/ 2/ 67، وشرح أبيات المغني/ 6/ 108].
هذا البيت من قصيدة فريدة النسج والمحتوى، للشاعر كثيّر عزّة، وقد مضى منها شاهدان، وهذا الثالث؛ وهي التي يقول في بعض أبياتها:
خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا … قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلّت
ومسّا ترابا كان قد مسّ جلدها … وبيتا وظلّا حيث باتت وظلّت
ولا تيأسا أن يمحو الله عنكما … ذنوبا إذا صليتما حيث صلّت
وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا … ولا موجعات القلب حتى تولّت
...
كأنّي أنادي صخرة حين أعرضت … من الصّمّ لو تمشي بها العصم زلّت
أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها … وحلّت تلاعا لم تكن قبل حلّت
فليت قلوصي عند عزّة قيّدت … بقيد ضعيف فرّ منها فضلّت
وغودر في الحيّ المقيمين رحلها … وكان لها باغ سواي فبلّت
وكنت كذي رجلين ...