أقول: ومجموع هذه الأقوال، يدلّ على أنّ ما جاء في بيت الشعر، ليس ضرورة شعرية، وإنما هو لغة. وقد أطنبت في نقل الأقوال السابقة لأنني سعدت بالعثور عليها، وأردت أن أسعد قرّاء القرآن بها ذلك أن حذف الضمائر من بعض آيات الكتاب العزيز، يظنّه كثير من الناس رسما قرآنيا موروثا عن المصحف العثماني، لا دلالة له. وأنه يصحّ رسمه بالخط العربيّ المتداول، ولا يغيّر المعنى .. والصحيح أن الرسم القرآني، ليس موروثا وإنما هو منقول عن الصحف التي كتبت في العهد النبويّ. ولذلك نقل عن الإمام مالك، والإمام أحمد، النهي عن كتابة القرآن بالرسم الإملائي الذي استحدث في زمن الخليل بن أحمد، وفي الأزمنة التالية. فكلّ رسم قرآني له دلالته اللغوية والمعنوية، وهو لغة من لغات العرب، قد يكون وصلنا شاهد لها، وما لم يصلنا شاهده، فإنه قد يكون ضاع وفقد، ولم يصل إليه علماء اللغة، وقد قالوا إنه لم يصلنا من شعر العرب إلا أقلّه.
ذلك أن القرآن وصلنا مسموعا ومكتوبا بتواتر لم يثبت لشيء من اللغة.
أقول: وفي الذي نقلته حول هذا الشاهد، دليل على جهل ابن خلدون الذي يزعم في مقدمته أن الصحابة الذين كتبوا المصحف، لم يكونوا يحذقون الخط العربي، فوقع منهم ما يخالف الرسم. فابن خلدون أعطي منزلة في تاريخ الثقافة الإسلامية لا يستحقها، وما رفعه فوق قدره إلا جهلة العرب الذين تتلمذوا على الأوربيين والمستشرقين. والله أعلم.
[الإنصاف/ 385، وشرح المفصل/ 7/ 5 وج 9/ 80، والهمع/ 1/ 58، والخزانة/ 5/ 229، 233].
.. ينسب هذا البيت لرؤبة بن العجّاج .. والبتّ: الكساء الغليظ المربّع وقيل:
طيلسان من خزّ، وجمعه بتوت .. يريد أن يقول: إذا كان لأحد من الناس كساء فإن لي كساء أكتفي به في زمان القيظ وزمان الصيف وزمان الشتاء. يعني أنه يكفيه الدهر كلّه ..
من: اسم شرط .. يك: فعل الشرط مجزوم بالسكون على النون المحذوفة للتخفيف، وهو فعل ناقص، اسمه مستتر. ذا: خبره منصوب بالألف. فهذا .. الفاء رابطة: وهذا:
مبتدأ بتّي: خبره، والجملة جواب الشرط. ومن: مبتدأ: خبره الجملة الشرطية.
والشاهد: قوله: فهذا بتّي مقيظ مصيّف مشتّي .. فإنها أخبار متعددة لمبتدأ واحد من غير عاطف .. على خلاف من يقول ... إن الأخبار لا تتعدد إلا بعاطف. ولكن هل يصح