يدل على أنهم قد استعملوا الغبن المتحرك الوسط في البيع، والأشهر: غبنه في البيع غبنا بسكون وسطه، والأغلب على الغبن المفتوح أن يستعمل في الرأي، وفعله غبن يغبن مثل فرح يفرح، يقال: غبن رأيه، والمعنى في رأيه. ومفعول الغبن في البيت محذوف أي:

في غبن الأيام إياهم. وقوله: ما عواقبها: ما استفهامية، وينسون: معلّق، والتقدير:

ينسون أيّ شيء عواقبها. [الخزانة/ 3/ 353، وشرح المفصل/ 3/ 152، وشرح أبيات المغني/ 5/ 342].

279 - وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة … لضغمهماها يقرع العظم نابها

البيت للشاعر مغلّس بن لقيط (جاهلي) من قصيدة يرثي بها أخاه، ويشتكي أخوين له.

وكان أخوه بارا به، واسمه أطيط، وكان الآخران يظهران له العداوة. والضغمة: العضة، يقول: جعلت نفسي تطيب لعضة أعضهما بها يقرع لها الناب العظم، والهاء في قوله:

لضغمهماها عائدة على الضغمة. وجعل: فعل شروع، خبره جملة تطيب. والبيت استشهد به الرضي على أنّ الضمير الثاني إذا كان مساويا للأول شذّ وصله كما في البيت، فإنه جمع بين ضميري الغيبة في الاتصال، وكان القياس لضغمهما إياها. وقال سيبويه: إذا ذكرت مفعولين كلاهما غائب قلت: أعطاهوها وأعطاهاه، جاز وهو عربي، ولا عليك بأيهما بدأت .. وهذا ليس بالكثير في كلامهم والكثير في كلامهم أعطاه إياها. على أن الشاعر قال .. (البيت) ولكن البيت يروى أيضا:

وقد جعلت نفسي تهمّ بضغمة … على علّ غيظ يقصم العظم نابها

وهذه الرواية أولى بالاتباع، لأن قصيدة البيت فيها شكوى وألم ورقّة تعبير .. والبيت نفسه يمثل ذروة الانفعال العاطفي، ورواية النحويين فيها صناعة، تمنع من تدافع المعاني، وتعقّد الكلام. [الخزانة/ 5/ 301، وسيبويه/ 2/ 365، وشرح المفصل/ 3/ 105، والأشموني/ 1/ 141].

280 - فماله من مجد تليد وماله … من الريح فضل لا الجنوب ولا الصّبا

البيت للأعشى ميمون، يهجو رجلا بأنه لئيم الأصل لم يرث مجدا، ولا كسب خيرا، فضرب له المثل بنفي حظه من الريحين، الجنوب والصّبا، فالجنوب تلقح السحاب، والصبا تلقح الأشجار. ومحل الشاهد: «فماله من مجد» حيث اختلس ضمة الهاء، ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015