للنابغة الجعدي حسان بن قيس. صحابي من المعمرين، وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنشده وقال له: لا فضّ فوك. والبيت شاهد على أن «لا» النافية العاملة عمل ليس، عملت في المعرفة. ويروى البيت:

وحلت سواد القلب لا أنا مبتغ .. البيت:

والقافية منصوبة ولا شك. لأنه مسبوق، وملحوق بقواف منصوبة. وعلى الرواية الثانية، فإن كانت «لا» عاملة، فإن «مبتغ» خبرها، وكان حقه أن ينصب، ولكن أسكن الياء في موضع النصب - وإذا كان كذلك فالنصب في قوله «متراخيا»: بالعطف على «مبتغ» لأنه منصوب الموضع.

فإن جعلت «لا» الأولى ملغاة، كان قوله: أنا مبتغ: مبتدأ وخبر، ولزم إعمال الثانية، ويكون اسمها محذوفا تقديره «ولا أنا عن حبها متراخيا» وحسن حذفه لتقدم ذكره. [شرح أبيات المغني/ 4/ 378، والهمع/ 1/ 125، والأشموني ج 2/ 253].

26 - لقيت المرورى والشناخيب دونه … وجبت هجيرا يترك الماء صاديا

للمتنبي من قصيدة يمدح فيها كافورا الأخشيدي. والمرورى: جمع المروراة وهي الفلاة الواسعة. والشناخيب: جمع شنخوب، وهي ناحية الجبل المشرفة وفيها حجارة ناتئة. والصادي: العطشان. يذكر ما لقي من التعب في الطريق إليه وما قاسى من حر الهواجر التي تيبّس الماء، والماء لا يكون صاديا، ولكنه مبالغة.

27 - يقولون لا تبعد وهم يدفنونني … وأين مكان البعد إلا مكانيا

لمالك بن الريب، من قصيدة رثى بها نفسه، وكان لصا ثم تاب وغزا، فاستشهد.

والبيت شاهد على أن «لا» فيه للدعاء. وقولهم للميت «لا تبعد: تنبيه على شدة الحاجة إليه، وتناهي الجزع وغلبة التحسّر عليه.

28 - وتضحك منّي شيخة عبشمية … كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا

من قصيدة لعبد يغوث الحارثي، مطلعها:

ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا … فما لكما في اللوم خير ولا ليا

ألم تعلما أن الملامة نفعها … قليل وما لومي أخي من شماليا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015