عليه وسلم (في حديث جبريل) عليه السلام أي المتقدم (الشّهادة) بالرفع أو النصب أي الإقرار (من الإسلام) أي من أركانه حيث قال مجيبا له عن سؤاله عنه أن تشهد (والتّصديق من الإيمان) أي وجعله فيه منه بقوله مجيبا له عن سؤاله عنه أن تؤمن (وبقيت حالتان أخريان بين هذين) أي الحالين وهما الحالة المحمودة لخلص المؤمنين والحالة المذمومة للمنافقين فيحتاج إلى بيانهما (إحديهما: أن يصدّق) أي المكلف (بقلبه ثمّ يخترم) بالخاء المعجمة على صيغة المجهول أي يقتطع ويموت (قبل اتّساع وقت للشّهادة) أي قبل أن يأتي بها (بلسانه) أي لضيق زمانه (فاختلف فيه) أي في أنه مؤمن أم لا (فَشَرَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ الْقَوْلَ وَالشَّهَادَةَ به) فعلى هذا لا يكون مؤمنا لعدم تمكنه من الإتيان بها وهذا قول ضعيف سواء قيل إن الإقرار شرط لإجراء الأحكام لا لحقيقة الإسلام أو شطر لأن قائله قائل بأنه ركن قابل لسقوطه في بعض الأنام كالأخرس وخال ضيق المقام (ورآه بعضهم) أي المصدق المذكور قبل تمكنه من الإقرار المسطور (مؤمنا) أي مصدقا ومسلما (مستوجبا للجنة) أي لعذره بعدم تمكنه من الإتيان به وأيضا لو لم يعتبر إيمانه للزم أن يكون في النار مخلدا وهو غير واقع كما أشار إليه المصنف حيث قال: (لقوله عليه الصلاة والسلام) أي فيما رواه الشيخان (يخرج) بصيغة المفعول أو الفاعل (مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذرّة من الإيمان) وفيه تلويح إلى أنه وإن صغر قدره فقد عظم عند الله تعالى أمره ولا يضيع أجره وقد قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وهي كل جزء من أجزاء الهباء في الهواء والمراد بها غاية القلة التي قد يعبر عنها بالعدم أي لا يظلم أصلا (أجزائه بخلاف كماله فإنه يتوقف على وجود ضيائه وبهائه وهو ههنا بأن يكتسب جميع (فلم يذكر) أي النبي عليه الصلاة والسلام (سوى ما في القلب) أي لأن غيره غير نافع عند الرب في العقبى لانقضاء أحكام ظاهر الإسلام في الدنيا (وهذا) أي المؤمن بالجنان العاجز عن إقرار اللسان (مؤمن بقلبه) أي فينفعه إيمانه عند ربه (غير عاص) أي حيث اطاعه وآمن به (ولا مفرّط بترك غيره) أي بترك غير أمره من إقراره لعدم إدراك وقته وفقد استقراره (وهذا) أي الرأي من هذا البعض (هو الصحيح في هذا الوجه) أي لما بيناه من الوجه الذي عيناه (الثانية) أي الحالة الثانية (أن يصدّق بقلبه) أي ويكتفي بعلم ربه (ويطوّل مهله) بفتح الميم وسكون الهاء وتحرك أي زمانه (وعلم ما يلزمه من الشهادة) أي النطق بها (فلم ينطق بها جملة) أي مطلقا (ولا استشهد في عمره) أي ولا تشهد في عمره مرات كثيرة كما كان اللائق به أن يكررها ويتلذذ بذكرها ويقوم بشكرها (ولا مرّة واحدة) أي بل ولا كرة (فهذا) أي المؤمن المذكور بالوصف المسطور (اختلف فيه أيضا) أي كما اختلف فيما قبله (فقيل هو مؤمن) أي لأنه أتى بما يكفي من مقصود الإيمان (لأنّه مصدّق) أي بقلبه وهو من أحسن الأحوال (والشّهادة من جملة الأعمال) أي أركان الإسلام الموجبة للكمال (وهو) في نسخة فهو (عاص بتركها) أي بترك الشهادة كما لو ترك الصلاة والزكاة (غير مخلّد) أي في النار كما في نسخة