شرح الشفا (صفحة 762)

النّفوس) أي في حال القتال (والأموال) أي بذلها في فك رقابهم من الأغلال، (والتّقريع) أي قهرا، (والتّوبيخ) أي زجرا، (والتّعجيز) أي بالإذلال، (والتّهديد) أي بعظائم النكال (والوعيد) أي بوخائم الوبال (أبين آية) خبر لقوله ترك والمعنى أظهر علامة وأبهر دلالة، (لِلْعَجْزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، وَالنُّكُولِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ) أي والاعراض والامتناع عن معارضة نحوه، (وإنّهم) بكسر الهمزة ويجوز فتحها (مُنِعُوا عَنْ شَيْءٍ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَقْدُورِهِمْ) وفي نسخة مقدرتهم بضم الدال وتفتح أي قدرتهم (وإلى هذا) أي المذهب الثاني (ذهب الإمام أبو المعالي) أي عبد الملك بن أبي محمد (الجوينيّ) بالتصغير النيسابوري وهو الملقب بإمام الحرمين أفصح الشافعية وله اليد الباسطة في الطول من علمي الكلام والأصول توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (وغيره) أي من علماء أهل السنة والجماعة (قال) أي أبو المعالي (وهذا عندنا أبلغ في خلاف الْعَادَةِ بِالْأَفْعَالِ الْبَدِيعَةِ فِي أَنْفُسِهَا كَقَلْبِ الْعَصَا حيّة ونحوها) وكإخراج اليد البيضاء ويحياء الموتى وغيرهما، (فإنّه قد يسبق إلى بال النّاظر) أي قلب المتأمل (يدارا) بكسر الباء أي مبادرة ومسارعة من أول وهلة قبل التأمل في حقيقة أمره وخفية سره (أنّ ذلك) أي ما ذكر من قلب العصا حية ونحوها (من اختصاص صاحب ذلك بمزيد معرفة في ذلك الفنّ وفضل علم) أي في ذلك النوع كما توهم في فرعون حيث قال إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ (إلى أن يردّ ذلك) أي السابق إلى بال الناظر مما ذكر من وهم الخاطر (صحيح النّظر) أي فيتحقق الفهم ويضمحل الوهم ويتبين لقلب الحي أن قلب العصا حية ونحوها مما لا يدخل تحت طوق البشر إذ هو فعل فاعل القوي والقدر (وأمّا التّحدي للخلائق) أي طلب المعارضة منهم باعتبار السابق واللاحق (المئين) وفي نسخة مئين جمع مائة وفي نسخة في المئين (مِنَ السِّنِينَ بِكَلَامٍ مِنْ جِنْسِ كَلَامِهِمْ لِيَأْتُوا بمثله) أي على وفق مرامهم (فلم يأتوا) أي الخلائق بتمامهم كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بقوله قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ تَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى الْمُعَارَضَةِ ثمّ عدمها) أي بترك المناقضة (إلّا أن منع الله الخلق عنها) أي عن المعارضة لأحد الوجوه الثلاثة في بيان المعجزة (بمثابة ما لو قال نبيّ) أي وقد طلب منه آية وعلامة دالة على صدق دعواه للنبوة (آيَتِي أَنْ يَمْنَعَ اللَّهُ الْقِيَامَ عَنِ النَّاسِ مع مقدرتهم) وفي نسخة مع قدرتهم (عليه وارتفاع الزّمانة عنهم) أي عن بعضهم للاستواء في حال عجزهم ولا يبعد أن تكون الواو بمعنى أو التنويعية (فلو كان ذلك) أي الذي قال ذلك النبي (وعجّزهم الله تعالى عن القيام) أي في ذلك المقام (لكان ذلك من أبصر آية وأظهر دلالة) أي في إقامة البرهان وإبانة التحقيق (وبالله التّوفيق) ونظيره قوله تعالى لزكريا آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا؛ (وقد غاب عن بعض العلماء) أي خفي عليه (وجه ظهور آيته) أي معجزته التي هي القرآن (على سائر آيات الأنبياء) أي في باقي الأزمان ولم يدر أنها ببقائها معلومة لكل واحد في كل أوان متلوة بكل مكان (حتّى احتاج للعذر عن ذلك) أي الذي زعمه من عدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015