شرح الشفا (صفحة 760)

والاستدلال بالخبر المكرر قالَ بَلى إي ربي وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي بمصاحبة علم العيان لعلم البرهان ومن ههنا قيل علمان خير من علم واحد (وسائر معجزات الرّسل انقرضت بانقراضهم) بل اندرس بعضها حال حياتهم كما أشار إليه بقوله (وعدمت) بصيغة المجهول أي وانعدمت (بعدم ذواتها) أي بعدم وجودها وتحقق صفاتها وفي أصل الدلجي بعدم ذواتهم أي وجودا في الدنيا وإلا فثبت أن الأنبياء في البرزخ أحياء فالجملة تأكيد لما قبلها وعلى الأول تأسيس وهو أولى في محلها، (ومعجزة نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم لا تبيد) أي لا تفنى أبدا (ولا تنقطع) أي ولا تنقضي سرمدا (وآياته) أي علاماته الدالة على صدقه (تتجدّد) أي يوما فيوما (ولا تضمحل) بتشديد اللام أي ولا تزول أصلا (ولهذا) أي المعنى إلا عليّ (أشار صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله) أي الذي هو غاية المرام في هذا المقام المندرج (فيما حدّثنا القاضي الشّهيد أبو عليّ) أي الحافظ ابن سكرة (حدّثنا القاضي أبو الوليد) وهو الباجي (حدّثنا أبو ذرّ) أي الهروي (حدّثنا أبو محمّد) أي ابن حمويه السرخسي (وأبو إسحاق) أي المستملي (وأبو الهيثم) أي الكشميهني (قالوا) أي كلهم (حدّثنا الفربريّ) بكسر الفاء وتفتح (حدّثنا البخاريّ) أي صاحب الجامع (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) أي العامري الأويسي الفقيه عن مالك ونافع مولى ابن عمر (حدّثنا اللّيث) أي ابن سعد (عن سعيد عن أبيه) أي أبي سعيد المقبري روى أن عمر جعله على حفر القبور فسمي به توفي سنة مائة (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) والحديث كما ترى رواه البخاري وقد أخرجه مسلم والنسائي أيضا (قال ما من الأنبياء نبيّ) هو أعم من رسول (إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عليه البشر) أي ليس نبي منهم إلا أعطاه الله من المعجزات شيئا الجأ من شاهده إلى الإيمان به فخص كل نبي بما أثبت دعواه من خوارق العادة التي أعطاه مولاه في زمانه وبعد انقراضه اختفى شأنه ولم يبق سلطانه ولم يلمع برهانه كقلب العصا لموسى حية تسعى (وإنّما كان الذي أوتيت) أي بخصوص ما أنعم علي (وحيا أوحاه الله إليّ) أي معجزا في أعلى طبقات البلاغة وأقصى غايات الفصاحة كريم الفائدة عميم العائدة على السابقين واللاحقين من هذه الأمة قرنا بعد قرن على مرور الأزمنة ولذا رتب عليه قوله (فأرجو) أي بسبب بقائه وظهور ضيائه (أني أكثرهم) وفي اصل الدلجى أن أكون أَكْثَرُهُمْ (تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ) أي المذكور (عند بعضهم وهو) أي هذا المعنى المسطور هو (الظّاهر) أي المتبادر (والصّحيح) أي الصريح (إن شاء الله) أي فلا يعدل عما قدمناه، (وذهب غير واحد) أي كثيرون (مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَظُهُورِ معجزة نبيّنا) أي وتأويل غلبة معجزة نبينا (صلى الله تعالى عليه وسلم إلى معنى آخر) أي غير ما أفاده منطوقا (من ظهورها بكونها) أي من قوة معجزة نبينا بسبب كونها (وحيا) أي خفيا (وكلاما) أي جليا (لا يمكن التّحيّل فيه ولا التّخيّل عليه) بالحاء المهملة من الحيلة (ولا التّشبيه) أي من حيث إنه لا يتصور فيه التمويه (فإنّ غيرها) أي غير معجزة نبينا (مِنْ مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ قَدْ رَامَ الْمُعَانِدُونَ لَهَا) أي قصدوا لإبطالها (بأشياء طمعوا في التّخييل بها) أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015