اللغة الأشهر عند الأكثر، ففي الصحاح نمى المال وغيره ينمى نماء، وربما قالوا ينمو نموا وانماه الله تعالى إنماء انتهى. وفي غالب النسخ المصححة تنمو بالواو. وعن الخليل انه أفصح وبهذا يتبين أن قول الحلبي وفي لغة ينمو وهو ضعيف هو الضعيف لمخالفة الجمهور ولمعارضة شيخه مجد الدين الفيروزآبادي صاحب القاموس حيث قال: نما ينمو زاده كنمى ينمى. وأما ما نقل عن الكسائي لم أسمعه بالواو إلا من أخوين من بني سليم. ثم سألت بني سليم فلم يعرفوه فالجواب عنه أنه على تسليم صحته يكون لغة لغيرهم ومن حفظ صار حجة على من لم يحفظ (وعلى آله) أي اتباعه ولذا لم يقل وأصحابه. وفي نسخة: وصحبه على انه تخصيص بعد تميم أو المراد بالآل أقاربه والعطف لزيادة التشريف والتكريم (وصحبه وسلّم) بفتح اللام عطف على صلى (تسليما) أي تسليما عظيما. ووقع في بعض النسخ زيادة كثيرا وهو مخل بالسجع المرعى في الفواصل ثم ظاهر آية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً دال على وجوب الصلاة والسلام عليه كلما ذكر وكذا حديث من ذكرت عنده فلم يصل على دخل النار فأبعده الله تعالى، وحديث رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ علي. وبه قال الطحاوي من الحنفية والحليمي من الشافعية واللخمي من المالكية وابن بطة من الحنابلة والجمهور على أنها في العمر فرض مرة والمحققون على انها فرض في كل مجلس ذكر صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم.
(أمّا بعد) بضم الدال مبنيا لحذف المضاف إليه وكونه منويا. وقال الحلبي: وبفتحها.
اجازه هشام. وقال النحاس: إنه غير معروف ورفعها منونة، وكذا نصبها انتهى. وذكر النووي في باب الجمعة: من شرح مسلم أنه اختلف العلماء في أول من تكلم بأما بعد فقيل داود عليه الصلاة والسلام. وقيل: يعرب بن قحطان. وقيل: قس بن ساعدة. وقال بعض المفسرين: أو كثير منهم أنه فصل الخطاب الذي أوتيه داود. وقال المحققون: فصل الخطاب الفصل بين الحق والباطل انتهى. وفي الكشاف: ويدخل فيه، يعني في فصل الخطاب. أما بعد فإن المتكلم إذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق إليه فصل بينه وبين ذكر الله تعالى بقوله: أما بعد، انتهى. وفي غريب مالك للدارقطني بسند ضعيف أن يعقوب عليه الصلاة والسلام لما جاءه ملك الموت قال من جملة كلامه: أما بعد.. فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء وهذا يدل على أن أول من تكلم به يعقوب لا داود عليهما الصلاة والسلام، ونظير فصل الخطاب كلمة هذا فإنه يفصل بها بين الكلامين كقوله تعالى: هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ أي الأمر هذا أو هذا كما ذكر أو خذ هذا أو هذا المعد للمتقين وأما تنظير المحشي بقوله تعالى: هذا وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ فغفلة عن لفظة التنزيل وهو قوله تعالى هذا ذِكْرٌ وهو ليس من هذا الباب نعم نظيره ما قال الشاعر:
هذا وكم لي بالحبيبة سكرة ... أنا من بقايا خمرها مخمور