إلَّا أَنَّا نَقُولُ: مَا أُصِيبَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ. وَفِي هَذَا يَسْتَوِي مَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُمْ وَمَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُمْ.
لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ مَوْضِعُ وِلَايَتِهِمْ، وَفِي إصَابَةِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ وِلَايَتِهِمْ مَعْنَى الْمُغَايَظَةِ لَهُمْ. فَإِذَا حَصَلَتْ تِلْكَ الْإِصَابَةُ بِمَنَعَةِ الْجَيْشِ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْغَنِيمَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْغُزَاةَ لَوْ اسْتَخْرَجُوا مِنْ بَعْضِ جِبَالِهِمْ الْيَاقُوتَ وَالزَّبَرْجَدَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ غَنِيمَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ لَوْ وَجَدَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي جِبَالِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَمْسٌ، عَلَى مَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَيْسَ فِي الْحَجَرِ زَكَاةٌ» وَهَذَا كُلُّهُ حَجَرٌ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَحْجَارِ أَضْوَأُ مِنْ بَعْضِ. فَعَرَفْنَا أَنَّ مَا يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيَخْرُجُ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ لَا يَكُونُ قِيَاسَ مَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
1947 - وَلَوْ أَرَادَ الْغَازِي أَنْ يَصْطَادَ بِكَلْبٍ أَوْ فَهْدٍ أَوْ بَازِي مِنْ الْغَنِيمَةِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهُ. لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمَا هُوَ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ مِنْ الْغَنِيمَةِ. فَإِنْ أَرْسَلَهُ فَذَهَبَ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ. لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِالْإِرْسَالِ مُسْتَهْلَكٌ لَهُ، وَمَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَضْمَنْ. وَلَكِنَّهُ يُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَمِيرِ.
فَهَذَا مِثْلُهُ.