لِأَنَّ بِنُفُوذِ الْبَيْعِ يَتَأَكَّدُ حَقُّ الْغَانِمِينَ وَتَنْقَطِعُ شَرِكَةُ الْمَدَدِ مَعَهُمْ فِي الثَّمَنِ، فَلَا مَعْنَى لِتَأَخُّرِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
1925 - وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْحُمُولَةَ مِنْ أَصْحَابِهَا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ الْأَجْرُ مِنْ الْغَنَائِمِ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْخُمُسِ.
لِأَنَّ فِي هَذَا الِاسْتِئْجَارِ مَنْفَعَةً لِلْغَانِمِينَ، فَهُوَ كَالِاسْتِئْجَارِ لِسَوْقِ الْغَنَمِ وَالرِّمَاكِ. وَحَقُّ أَصْحَابِ الْحُمُولَةِ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ.
لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمْ فِيهَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ وَالْقِسْمَةِ، وَشَرِكَةُ الْمِلْكِ هُوَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ، لَا شَرِكَةُ الْحَقِّ كَمَا فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ. وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ رَضِيَ بِهِ أَصْحَابُ الْحُمُولَةِ أَوْ أَبَوْا إذَا كَانَ بِهِمْ غِنًى عَنْ تِلْكَ الْحُمُولَةِ.
لِأَنَّهُمْ بِهَذَا الْإِبَاءِ قَصَدُوا التَّعَنُّتَ. فَإِنَّ فِي هَذَا الِاسْتِئْجَارِ مَنْفَعَةً لَهُمْ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمْ الْأُجْرَةُ بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ لَا تَبْقَى لَهُمْ بِدُونِ هَذَا الِاسْتِئْجَارِ، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْغَانِمِينَ أَيْضًا. فَكَانُوا مُتَعَنِّتِينَ فِي الْإِبَاءِ، وَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى إبَاءِ الْمُتَعَنِّتِ. وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الِاسْتِئْجَارِ وَبَقَاءَ الْإِجَارَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ الْأَمِيرِ، فَمِنْ الْأَمِيرِ أَوْلَى.
وَبَيَانُهُ فِي اسْتِئْجَارِ السَّفِينَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، إذَا انْتَهَتْ الْمُدَّةُ أَوْ مَاتَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ وَالسَّفِينَةُ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْأَوْعِيَةِ لِحَمْلِ الْمَائِعِ فِيهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً إذَا انْتَهَتْ الْمُدَّةُ وَهُمْ فِي الْمَفَازَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ أَمْتِعَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَانْتَهَتْ الْمُدَّةُ وَهُمْ فِي الْمَفَازَةِ، أَوْ مَاتَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ، فَإِنَّهُ يُبْتَدَأُ بِالْعَقْدِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَيَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ