أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُك يَذْكُرُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ سَأَلُوا أَنْ تَقْسِمَ بَيْنَهُمْ غَنَائِمَهُمْ. فَانْظُرْ مَا أَجْلَبَ النَّاسُ عَلَيْك مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ فَاقْسِمْهُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَاتْرُكْ الْأَرْضَ وَالْأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا.
وَبِهِ نَأْخُذُ. وَإِنَّمَا أُصِيبَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَالظُّهُورِ.
وَقَدْ تَحَقَّقَ انْفِصَالُهُ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَخُرُوجُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَيَجِبُ قِسْمَةُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِفَتْحِ الْأَرْضِ وَالْمَنِّ عَلَى أَهْلِهَا.
قَالَ: وَانْظُرْ أَنْ لَا تُوَلِّهَ وَالِدَةً عَنْ وَلَدِهَا.
أَيْ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَوَالِدَتِهِ. وَبِنَحْوِ هَذَا جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ص 345) حِينَ «رَأَى جَارِيَةً وَالِهَةً فِي الْغَنِيمَةِ فَقَالَ: مَا حَالُهَا؟ فَقَالَ: بِيعَ وَلَدُهَا. قَالَ: لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا» .
قَالَ: وَلَا تَمَسَّ امْرَأَةً حَتَّى يَطِيبَ رَحِمُهَا.
أَيْ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا. وَهُوَ نَظِيرُ مَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ: وَلَا الْحَبَالَى حَتَّى يُسْتَبْرَأْنَ بِحَيْضَةٍ.
قَالَ: وَلَا تَتَّخِذْ أَحَدًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَاتِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ فِي دِينِهِمْ، وَلَا رِشْوَةَ فِي دِينِ اللَّهِ. وَبِهِ نَأْخُذُ.