قَبْلَ بَدْرٍ، فَوَقَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَضَى إلَى بَدْرٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَسَمَ الْغَنِيمَتَيْنِ بِالْمَدِينَةِ جُمْلَةً» .
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: قَسَمَهَا بِسِيَرِ وَهِيَ شِعْبٌ بِمَضِيقِ الصَّفْرَاءِ.
فَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْمَدِينَةِ فَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لِمَا قُلْنَا. وَإِنْ كَانَتْ بِسَيْرِ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ يَوْمَئِذٍ كَانَ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ.
لِأَنَّهُ مَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ مَنَعَةٌ سِوَى ذَلِكَ. فَأَمَّا غَنَائِمُ خَيْبَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْسِمْهَا حَتَّى أَتَى الْجِعْرَانَةَ.
وَرُوِيَ «أَنَّهُمْ طَالَبُوهُ بِالْقِسْمَةِ حَتَّى أَلْجَئُوهُ إلَى سَمُرَةَ فَتَعَلَّقَ بِهَا رِدَاؤُهُ ثُمَّ جَذَبُوا رِدَاءَهُ فَتَخَرَّقَ. فَقَالَ: اُتْرُكُوا إلَيَّ رِدَائِي، فَوَاَللَّهِ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْعِضَاهُ إبِلًا وَبَقَرًا وَغَنَمًا لَقَسَمْتهَا بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي جَبَانًا وَلَا بَخِيلًا» .
فَقَدْ أَخَّرَ الْقِسْمَةَ مَعَ كَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ حَتَّى انْتَهَى إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.
فَإِنَّ جِعْرَانَةَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مَكَّةَ وَقَدْ صَارَتْ مَفْتُوحَةً بِفَتْحِ مَكَّةَ.
فَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهَا لَا تُقْسَمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ.