فَإِذَا قَدِمَ الْبُشَرَاءُ عَلَى الْخَلِيفَةِ فَرَأَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ جَائِزَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُجِيزُ الرُّسُلَ وَالْوُفُودَ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَيْهِ» .
وَهَذَا لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ مُعَدٌّ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، وَالصَّرْفِ إلَى مَا فِيهِ مَنْفَعَةُ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْغَانِمِينَ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَلَا يَقْسِمُ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّهُ يُعِدُّهُ (ص 333) لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ؟
1768 - وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى أَمِيرُ الْعَسْكَرِ رَسُولٌ مِنْ مَلِكِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُجِيزَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَّا بِرِضَى الْمُسْلِمِينَ.
لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَأَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخُصَّ حَرْبِيًّا بِذَلِكَ كَانَ أَوْلَى.
1869 - فَإِنْ رَضِيَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ أَجَازَهُ مِنْ أَنْصَائِهِمْ دُونَ الْخُمُسِ. لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْحَرْبَيَّ فِي الْخُمُسِ، وَرِضَاهُمْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي نَصِيبِهِمْ خَاصَّةً.
1870 - فَإِنْ أَجَازَ الْأَمِيرُ الْبُشَرَاءَ وَالرُّسُلَ مِنْ الْغَنِيمَةِ عَلَى وَجْهِ