وَإِنَّمَا صَارَ صَالِحًا لِذَلِكَ ابْتِدَاءً فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَيَكُونُ حَالُهُ كَحَالِ مَنْ اشْتَرَى فَرَسًا فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ هَذَا الْفَرْقَ أَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا، لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِخِدْمَةِ الزَّوْجِ، وَالْمَرِيضَةُ الَّتِي لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لَا تَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ صَالِحَةً لِخِدْمَتِهِ، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِعَارِضٍ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ. فَكَذَلِكَ الْفَرَسُ إذَا ضَلَعَ أَوْ مَرِضَ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ضَعْفُهُ لِكِبَرٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ.
- وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَقُتِلَ فَرَسُهُ وَأُخِذَ أَسِيرًا قَبْلَ أَنْ تُصَابَ الْغَنَائِمُ، ثُمَّ أَصَابَ الْجَيْشُ الْغَنَائِمَ فَلَمْ يُخْرِجُوهَا حَتَّى انْفَلَتَ فَلَحِقَ بِهِمْ، فَلَهُ سَهْمُ الْفُرْسَانِ.
لِأَنَّهُ انْعَقَدَ لَهُ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَهُمْ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ، وَشَارَكَهُمْ فِي إحْرَازِ الْغَنَائِمِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فَيُجْعَلُ فِي الْحُكْمِ. كَأَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهُمْ. لِأَنَّهُ اُبْتُلِيَ بِمُفَارَقَتِهِمْ بِعَارِضٍ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ، فَإِذَا زَالَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
- وَلَوْ كَانَ خَرَجَ ذَلِكَ الْجَيْشُ وَدَخَلَ جَيْشٌ آخَرُ فَانْفَلَتَ إلَيْهِمْ رَاجِلًا، ثُمَّ أَصَابُوا غَنَائِمَ بَعْدَ مَا لَحِقَ بِهِمْ. فَلَهُ فِي ذَلِكَ سَهْمُ رَاجِلٍ، وَلَا يُشْرِكُهُمْ فِيمَا أَصَابُوا قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِمْ.