وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسْهَمُ لِلْبِرْذَوْنِ أَصْلًا. كَمَا ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَقَالَ: صَاحِبُ الْبِرْذَوْنِ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْحِمَارِ وَالْبَغْلَةِ.

- وَذَكَرَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إذَا جَاوَزَ الْفَرَسُ الدَّرْبَ ثُمَّ نَفَقَ أُسْهِمَ لَهُ. وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا فَقَالُوا: مَعْنَى إرْهَابِ الْعَدُوِّ يَحْصُلُ بِمُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ فَارِسًا، فَإِنَّ الدَّوَاوِينَ إنَّمَا تُدَوَّنُ، وَالْأَسَامِيَ إنَّمَا تَكْتُبُ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ. ثُمَّ يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَنَّهُ جَاوَزَ كَذَا كَذَا فَارِسٌ وَكَذَا كَذَا رَاجِلٌ. فَلِحُصُولِ مَعْنَى الْإِرْهَابِ بِهِ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ.

وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ.

لِأَنَّ عِنْدَنَا مَنْ نَفَقَ فَرَسُهُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْغَنِيمَةَ إذَا شَهِدَ الْوَقْعَةَ. عَلَى أَنَّ دُخُولَ دَارِ الْحَرْبِ فَارِسًا بِمَنْزِلَةِ شُهُودِ الْوَقْعَةِ فَارِسًا، وَلِذَلِكَ جَعَلْنَا لِلْمَدَدِ شَرِكَةً مَعَ الْجَيْشِ فِي الْمُصَابِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ. وَهَذَا لِأَنَّ إعْزَازَ الدِّينِ يَحْصُلُ بِدُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ عَلَى قَصْدِ الْجِهَادِ. قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَا غُزِيَ قَوْمٌ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إلَّا ذَلُّوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015